الرئيسية > اخبار وتقارير > عامان على تشكيل مجلس القيادة.. إخفاق جماعي أم نجاح مشترك

عامان على تشكيل مجلس القيادة.. إخفاق جماعي أم نجاح مشترك

عامان مرا على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي كختام لمشاورات الرياض التي توجت بقرار فاجأ الجميع أنهى فترة قيادة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي وأعلن تشكيل المجلس من ثمانية أعضاء يمثلون الشمال والجنوب مناصفة كما يمثلون تيارات مختلفة منضوية تحت راية الحكومة الشرعية.

ردود الفعل تباينت منذ تأسيس المجلس بين متفائل ومتشائم، من تفاءل بنى ذلك على توحد كافة القوى المناوئة للمليشيا الحوثية تحت سقف واحد مما قد يعجل من الخلاص المرجو واستعادة الجمهورية، بينما المتشائم بنى ذلك على حجم التناقضات الكبيرة وتعدد الأقطاب التي أعاقت عمل المجلس وعرقلت أداءه.

ورغم تعالي الأصوات منذ تأسيس المجلس منتقدة طريقة تشكيله ولعل أبرز تلك الآراء نائب رئيس مجلس النواب اليمني عبدالعزيز جباري الذي أعلن رفضه لتشكيل المجلس في أكثر من مقابلة بل واعتبر تشكيله اعتداء على الدستور، وعلى إرادة اليمنيين، خاصة أنه جاء حسب وصفه  برغبة خارجية، ولم يأت برغبة يمنية، إلا أن البعض لا يزال يعتبر تشكيل المجلس كان ضرورة ومحطة بارزة في توحيد القوى الوطنية لاستعادة الدولة.

بعد مرور عامين على تشكيل المجلس في السابع من إبريل 2022م وهي فترة كافية لإعادة التقييم ومراجعة دور المجلس يتسائل الشارع اليمني هل حقق المجلس فعلاً إنجازات على أرض الواقع، هل تمكن من تحقيق المرجو منه، هل مثل قفزة في الأداء السياسي والاقتصادي والعسكري، أم أن فترة الرئيس هادي كانت أكثر إنجازاً ورضى شعبي رغم ما شابها من ضعف وتقلبات.

توحيد الصف الوطني

الأستاذ عبدالكريم المدي المحلل السياسي اعتبر أن تشكيل المجلس كان ضرورة جمعت كافة الأطراف الفاعلة وحقق الكثير من الإنجازات  حيث قال "نستطيع القول بعد عامين من تشكيل المجلس الرئاسي أن هناك الكثير من الأشياء التي تحققت في الجانب العسكري وفي الجانب الخدمي وفي جانب توحيد الصف الوطني.

وأضاف المدي"   قبل تشكيل المجلس الرئاسي كان هناك فرق لا يوجد قواسم مشتركة كثيرة فيها أو على الأقل لا تنطلق من منطلق هم جمعي صحيح أنها كلها ضد المليشيات الحوثية وتعمل على استعادة النظام الجمهوري ومؤسسات الدولة ولكن كان هناك تباينات كثيرة كما تحقق نجاح في مستوى القضاء حيث بدأ يعمل بوتيرة ممتازة ، نتمنى كمراقبين أن تتحقق المزيد من النجاحات للمجلس وتتحقق المزيد من الأهداف التي وضعت للمجلس ".

واستطرد المدي قائلاً" بعد تشكيل المجلس الرئاسي وهو من قوى موجودة على الميدان نتحدث عن رئيس وأعضاء المجلس من قوى متواجدة في الميدان وهذه القوى تمتلك حاضنة شعبية كبيرة جدا وتمتلك القوة العسكرية التي تمكنها من تحرير العاصمة صنعاء، ولذلك فالزخم الذي تحقق حقيقة على المستوى الوطني الداخلي وعلى المستوى الدولي وعلى المستوى الإقليمي حيث حصلت مباركة كبيرة جداً وتاييد واضح من الجامعة العربية ومن مجلس التعاون الخليجي ومن الاتحاد الاوربي من الولايات المتحدة ومن مجلس الأمن ومن كل الأطراف الدولية الفاعلة وهذا يؤكد أن المجلس كان ضرورة وأن العالم مع الحكومة الشرعية ومع الدولة والعالم مع استعادة مؤسسات الدولة إما سلماً أو حرباً".

 وعن إخفاقات المجلس تحدث المدي قائلاً" صحيح هناك بعض الأشياء التي لم ترق إلى مستوى طموحات الشارع اليمني فيما يتعلق بجانب الخدمات وفيما يتعلق بمواجهة المليشيات الحوثية لأن هناك مطلب شعبي يقول إلغوا كافة الاتفاقيات السابقة وعلى رأسها اتفاقية استوكهلوم واذهبوا لتحرير الحديدة وتحرير كافة المناطق وإشعال الجبهات كلها لاستعادة الجمهورية وإنقاذ الشعب اليمني الذي يعاني تحت سلطة قمعية إرهابية لمدة تسع سنوات، ".

تذبذب بين الإخفاق والإنجاز

الصحفي فارس الحميري قال أن فترة المجلس شهدت تذبذبات تناوبت بين الإخفاق والانجاز معتبراً استمرار تماسك المجلس رغم التباينات المختلفة بين أعضائه أبرز انجازاته ويحسب لقيادة المجلس.

وحول  تقييمه لأداء المجلس قال الحميري"عسكريا، شهدت  مرحلة المجلس الرئاسي هدوءا نسبيا، على خلفية الهدنة الاممية، والتزمت فعليا القوات الحكومية والمناوئة للحوثيين باتفاق الهدنة، رغم الاستفزازات و الخروقات المتكررة للحوثيين، أما سياسيا فقد حاول المجلس أن يقود البلاد إلى المربع السياسي، وفعليا خلال الفترة الماضية ، أنجزت خارطة طريق واسعة للحل في اليمن عبر وساطة إقليمية سعودية عمانية ودعم دولي.. وكانت الخارطة على وشك التوقيع عليها، قبل أن يفتعل الحوثيون في اللحظات الاخيرة معركة جديدة.. معركة البحر الأحمر".

واعتبر الحميري الاخفاق الأبرز للمجلس في الجانب الاقتصاي حيث قال" للأسف شهدنا تراجعا مخيفا في سعر صرف العملة المحلية خلال فترة المجلس الرئاسي ، إضافة الى توقف تصدير النفط، وتعرض الحكومة لحصار مالي خانق دون اتخاذ أي إجراءات من قبل المجلس، كما أن تمادي الحوثيين في صك عملة جديدة أيضا سيكون له تأثير كبير على الوضع الاقتصادي الهش أصلا، وإذا لم يتخذ المجلس و الحكومة إجراءات لوقف هذا التطور سيشرع الحوثيون في عملية صك عملات جديدة وتعميق الانقسام المالي في البلاد".

 

محطات بارزة أعاقت العمل

مر المجلس خلال العامين بعدد من المطبات والأحداث التي شكلت عاملاً مهماً في تحديد خط سيره ومدى قدرته على تجاوز الصعاب، أولى هذه المحطات كانت منع وزير الدفاع السابق محمد المقدشي من دخول عدن لأداء اليمين الدستورية عقب تشكيل المجلس، وتغييره لاحقاً بوزير جنوبي من الضالع مقرب من المجلس الانتقالي، مروراً بانضمام عضوين من مجلس القيادة للمجلس الانتقالي في مايو من العام 2023م ليصبح الكتلة الأكبر في المجلس الرئاسي بثلاثة أعضاء ، وانتهاء بتشكيل مؤتمر حضرموت الجامع الذي دخل كقوة جديدة في الساحة غير ممثلة في المجلس فعلياً.

وفي الجانب العسكري بدلاً من أن يسعى المجلس لتوحيد القوات الموجودة على الأرض والتي لا تزال تتلقى الأوامر بعيداً عن تشكيلات وزارة الدفاع أنشأ العليمي في يناير 2023م قوة جديدة لتضاف إلى القوى المتفرقة أسماها درع الوطن وربطها به شخصياً لتشكل داعماً له كونه حتى تاريخه كان بلا قوة عسكرية فعلية على الأرض.

ولا بد من الإشارة إلى  اكتفاء عدد من أعضاء المجلس بالتحرك في مناطق سيطرتهم وعدم قدرتهم على دخول مناطق سيطرة الجهات الأخرى ضمن قوام المجلس والدخول إلى عدن تحديداً الواقعة تحت سطوة الانتقالي اذا استثنينا دخولهم مرة واحدة إلى عدن لأداء اليمين الدستورية بحماية سعودية  الأمر الذي قد يهدد المجلس بالتشظي وهذا ما استدعى لتدخل السعودية أكثر من مرة للملمة المجلس والصلح بين أعضاءه.

إرادات متصارعة تحت سقف واحد

حالة اليأس والإحباط التي سادت الشارع اليمني من أداء المجلس لخصها الصحفي كمال السلامي حيث اعتبر أن اليمن تمر بأسوأ مراحل حياتها، فالشرعية في أضعف حالاتها، والبلاد يتجاذبها حالياً مشروعين اثنين، مشروع الإمامة في صنعاء، ومشروع التشطير في عدن وأن خطورة الوضع بالنسبة لمجلس القيادة الرئاسي، أنه بقصد أو بدون قصد، يقود البلاد نحو شرعنة التشظي وحالة اللادولة، وإن أبدى غير ذلك.

وأضاف السلامي بأن الشرعية اليوم في ظل مجلس القيادة، في أسوأ حالاتها، كأنما جيء بهذا المجلس ليضع المسمار الأخير في نعش الشرعية. وأستند السلامي في كلامه بأن قرار البلاد اليوم أكثر من أي وقت مضى ليس بيد اليمنيين، بل بيد غيرهم، مشيراَ إلى أن هناك سبع إرادات تتصارع في قيادة البلاد، وكل إرادة لديها أجندة مختلفة، تخدم مشاريع خارجية مختلفة أيضا.

واستدرك بالقول "حتى لا يُظلم مجلس القيادة، لا بد من الإشارة إلى أن المجلس جاء ممثلا عن أطراف سياسية قائمة، وهو انعكاس لحالة الارتهان التي هي عليها تلك الأطراف".

وعن أسباب الإخفاق من وجهة نظره قال السلامي" واقع المجلس اليوم، هو حصيلة الفشل السابق، فمنذ انتقال السلطة إلى عبدربه منصور هادي، دخلت البلاد في نفق مظلم، ومن ثم عاشت البلاد عقداً مليئاً بالفساد والفشل والعبث، والارتهان للخارج، وكانت النتيجة الوصول إلى هذه التركيبة التي تحكم البلاد، والتي تتشكل من "المؤتمر والإصلاح، وبقية الأحزاب، والكيانات الطارئة كالانتقالي وغيره".

واختتم السلامي كلامه بالقول" لا شيء تحقق البتة طيلة السنتين الماضيتين، سوى إضاعة إمكانات وأوراق الشرعية، وتمكين جهات وأطراف لديها مشاريع وأجندة تشطيرية، وما أفرزه ذلك من عجز في مواجهة الحوثي، فالحوثي اليوم يمتلك أوراق قوة وضغط أكثر من الشرعية، والشرعية اليوم أضعف من أي وقت مضى، والكل شريك في هذه الحالة وما آلت إليه البلاد". 

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)