2018/12/31
محللون سياسيون وخصوم لـ"صالح" يعتبرون انتفاضة ديسمبر تدشينا لمرحلة جديدة من الصراع ضد الحوثيين (تقرير)

بالرغم من نجاح الحوثيين باحتواء انتفاضة 2 ديسمبر 2017 في أيامها الأولى، إلا أنها خلقت واقعا جديدا، وأعادت تشكيل خارطة الصراع لصالح القوى الوطنية المناوئة لمشروع جماعة الحوثي الانقلابية، بحسب رأي عدد من المراقبين والسياسيين، وأيضا خصوم الرئيس السابق علي عبدالله صالح..

 

وبعد مرور عام على تلك الانتفاضة، كيف ينظر لها خصوم الرئيس السابق "صالح"؟، وهل نجحت هذه الانتفاضة في تغيير نظرتهم تجاهه؟، وما المطلوب في هذه المرحلة من مراحل استعادة الدولة المسلوبة من قبل العصابة الحوثية.

 

فقدان الغطاء السياسي

 

الدكتور محمد جميح، الكاتب والمحلل المعروف، قال إن الحوثيين "أطلقوا النار على أنفسهم، بقتلهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح"، مشيرا إلى أنهم فقدوا بغدرهم غطاءً سياسا، وتسببوا في حالة غضب مكبوتة لدى أنصار "صالح"، من المدنيين.

 

وأضاف في تصريح خاص لـ(مندب برس) أن هذا دفع الكثير من محبي الرئيس السابق وخصوصا من منتسبي الجيش والأمن، إلى الالتحاق بالمقاومة، ولكن الحوثيين – بحسب جميح – في المقابل تمكنوا من إحكام سيطرتهم على كافة مؤسسات الدولة، وتحكموا ببيانات مؤتمر الداخل بحكم أن معظم قيادات الحزب في الداخل تعد بمثابة رهائن في يد الجماعة.

 

يوافقه الرأي الكاتب والسياسي علي البخيتي، الذي أشار إلى أن الجماعة "قتلت نفسها حينما قتلت علي عبدالله صالح، بل أطلقت النار على أقدامها هي"، مبينا أن الأحداث ستستمر في إثبات أن ما ارتكبوه بحق الرئيس "صالح"، كان الشعرة التي قصمت ظهر بعير هذه الجماعه الطائفيه".

 

وشدد البخيتي على أنه حدث بعد 2 ديسمبر 2017، تحول نوعي كبير في الحرب، وكذا تحول نوعي في خارطة التحالفات السياسيه الوطنية.

 

خارطة طريق

 

وأضاف البخيتي في تصريح لـ"مندب برس"، أن الموقف الذي أعلنه الرئيس الراحل الذي أتى في خطابه الأخير والوصايا العشر الذي أطلقها، مثلّت خارطة طريق لليمن ولليمنيين جميعآ في مواجهة عصابة الحوثي.

 

وقال: "صالح ضرب مثلآ رائعآ في محاولات جر هذه الجماعه للتسويه السياسيه، حاول جرّها للعقل، لاحترام الدوله ومؤسساتها، لكن محاولاته كلها بائت بالفشل، وبعد إنهاء رئيس المؤتمر إنهاء التحالف مع الحوثيين، وفك الشراكة معهم، ودعوته للانتفاضة عليهم، خسر الحوثيون الكثير من المعارك، خسروا مساحات واسعه، كما أنهم خسروا الحاضنة الشعبية التي كان يوفرها لهم المؤتمر".

 

وأشار إلى أن جماعة الحوثي اليوم "باتت طرف طائفي سلالي ظهر بهذا الشكل الفج، بعد أن كان هناك طرف وطني يحيط به ويخفف من طائفتيه وسلاليتيه".

 

واستطرد البخيتي قائلا: "اليوم أصبح الحوثيون نوعآ ما معزوليين داخل المجتمع، داخل أبناء القبائل، أصبحوا ممقوتين، ومكروهين، وعاجزين عن تجنيد المزيد، لذلك تداعت جبهاتهم، ولو ادركوا أنهم سيخسرون كل هذه الخسائر بعد قتل علي عبدالله صالح لما أقدموا على تلك الجريمه الشنعاء وتلك الجريمه الغادره بحق علي عبدالله صالح وعارف الزوكا".

 

تغيّر جذري في المعركة

 

بدوره قال الناشط بحزب التجمع اليمني للإصلاح، يحيى الثلايا، إن الصراع بين اليمنيين وخصمهم التاريخي المتمثل بالإمامة، تغيرت أدواته وملامحه بعد ديسمبر 2017م، مشيرا إلى أن هناك جوانب في المعركة لم يلحظ البعض تغيرها بشكل كبير.

 

وأضاف في تصريح لـ"مندب برس"، أن المعركة الشاملة تغير واقعها جذريا، عند المقارنة مع حالها قبل وبعد الثاني من ديسمبر، وهي – حسب قول الثلايا - تغيرات واسعة في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجغرافي والخارجي أيضا.

 

وأوضح "الثلايا"، أن هناك تأثيرات من عدة أوجه، أهمها أن "انتفاضة ديسمبر"، كانت إعلان مدوي بانتهاء أو فشل التحالف بين حركة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

 

واستطرد قائلا: "البلد والمعركة الوطنية كانت بحاجة ملحة لانفضاض أسوأ حلف بين شريكين كان ثمنه للأسف الشديد تمزيق البلد والدولة والدخول في كارثة الحرب مع اليمن والإقليم".

 

كما بين أن اليمنيون كانوا - ولا يزالوا - بحاجة لاستعادة كل القوى والمكونات الوطنية، ودفعها للانخراط في المعركة لصالح الوطن وليس في خدمة الإمامة، مشيرا إلى أن حزب المؤتمر بكل تياراته واحد من هذه القوى التي لها حضور كبير.

 

وقال الثلايا: "انفضاض هذا الحلف كثمرة لمواجهات ديسمبر كان أيضا دليلا واضحا للناس يؤكد فجور وحقد وغدر الإمامة بحلفائها فضلا عن خصومها، فهي تتربص بك مهما قدمت لها من خدمات وتنازلات وقد كان تعاملها مع جثمان وحزب الرئيس صالح بتلك الطريقة الوقحة ابشع دليل على فجورها وقبحها".

 

وأشار إلى أن أحداث ديسمبر "أسفرت عن طرف وحيد يتحمل مسؤولية الحرب ويسيطر على البلاد ويمثل الانقلاب"، لافتا إلى أن الحوثي أصبح بعدها مكشوفا أمام كل اليمنيين، ومجردا من كل تحالفات السياسة المشبوهة والإجتماعية أيضا، كما بين أنه بهذه الانتفاضة  "انتهت فزاعة صالح وسطوته في الانقلاب التي بالغ بها بعض خصومه، واتضحت لجماهير صالح حقيقة الإمامة رغم كل ما قالوه عنها من أوصاف جيدة كذبا".

 

عودة لصف الجمهورية

 

من جانبه قال القيادي بحزب الإصلاح بتعز، المحامي  صلاح الدين الحميري، إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح رحمه الله، أعلن يوم 2 ديسمبر خلافه مع الحوثيين، ودعا أنصاره لحمل السلاح والقتال ضد الحوثيين، وهو ما يعني العودة إلى الصواب، وإلى صف الوحدة والجمهورية.

 

واعتبر الحميري في تصريح لـ"مندب برس"، "خطاب صالح الأخير" ودعوته للالتفاف من أجل الدفاع عن الثورة والجمهورية، موقف ايجابي تعاطف الجميع معه، من باب أن اليمن يتسع للجميع ضد الإنقلابيين الحوثيين وأنصارهم.

 

وأشار الحميري إلى ما حدث في ديسمبر 2017، من خيانات من قبل من كانوا معه، وكذا القبائل المحيطة بالعاصمة صنعا، التي – حسب قوله – تركته ومن معه دون أن تلبي دعوته، أو تهب لفك الحصار الذي فرضه الحوثيون عليهم.

 

ولفت إلى أنه بعد اغتيال "صالح"، تفرّق أنصاره، وانتهت نقطة التوازن التي كان المجتمع المحلي والإقليمي والدولي يراهن عليها ويشكلها الرئيس السابق علي صالح، وخاصة في الحوارات الدولية التي تعقد لحل مشكلة الحرب في اليمن.

 

أهداف حيّة

 

وحول ما إذا كانت أهداف انتفاضة 2 ديسمبر قابلة للتنفيذ، أكد الكاتب والسياسي علي البخيتي، أن هناك أهداف لا تزال حيّة، مبينا أن من يؤمنون بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومن يؤمنون بالمؤتمر الشعبي العام، سيستمروا في السعي لتحقيق هذه الأهداف الذي رسمها الزعيم، وهي بعمومها أهداف وطنية.

 

وقال البخيتي لـ"مندب برس": "علي عبدالله صالح لم يتحدث في خطابه الأخير عن أي شي يخصه أو يخص أسرته، لم يتحدث عن ابنه أحمد علي، أو عن أي شيء يخص عائلته، تحدث فقط عن اليمن، عن الدولة وعن المؤسسات وعن ضرورة إسقاط هذه الجماعة السلالية، علي عبدالله صالح أرسل النداء الأخير للشعب اليمني قبل وفائه".

 

وجدد التأكيد على أن جريمة تصفية "الزعيم"، كانت مخططة، مضيفا: "أنا تحدثت قبل مقتله بشهرين أن الحوثيون يرون "أن رأسه قد أينع وأنه حان قطافه"، علي عبدالله صالح كان يشكل أهم حلقات مقومات المشروع الحوثي ومن داخل المناطق التي يسيطرون عليها، وهذا ما سبب وجع وآلم كبير منه لأنه كان يحد كثيرآ من تمددهم الثقافي العقأئدي".

 

ولفت البخيتي إلى أن "صالح" كان يحدّ من تمدد الحوثيين وتوغلهم في مؤسسات الدولة، وتسخيرها لمصلحتهم، وهو ما جعلهم يعتبرونه أخطر من أطراف أخرى آثرت المغادرة، ومواجهتهم في مناطق خارج التواجد السكاني.

 

 

 

 

 

ما المطلوب إذن ؟

 

وبعد مرور أكثر من عام على الانتفاضة، يتبادر سؤال مهم إلى أذهان غالبية اليمنيين، ما المطلوب حتى يتمكن اليمنيون من استعادة دولتهم؟، وإنهاء هذه الحرب التي دمرت وقتلت الكثير.

 

وحول هذا يقول الدكتور محمد جميح إن المطلوب حاليا من كافة مكونات الصف الجمهوري توحيد الصفوف، وترك المماحكات الحزبية، والتوحد تحت سقف الجمهورية، لمواجهة مشروع الإمامة.

 

وشدد على ضرورة توجيه  الخطاب الإعلامي لكافة الأحزاب من مؤتمر وإصلاح واشتراكي وناصري وقوى الحراك الجنوبي، ضد هذا التمدد الكهنوتي السلالي الذي يريد أن يغير حركة التاريخ في اليمن، ليعود إلى ما قبل عام ١٩٦٢.

 

وقال جميح في تصريح لـ"مندب برس": "على أنصار المؤتمر ألا ينسوا وصايا الرئيس الراحل الأخيرة، بضرورة مواجهة الكهنوت، عليهم الابتعاد عن مليشيات الحوثي، والاقتراب من بقية المكونات الوطنية، وعلى قيادة المؤتمر أن تسعى لتوحيد صفوف المؤتمريين خلف قيادة واحدة".

 

بدوره قال الناشط الإصلاحي يحيى الثلايا، إن الخطابين الأخيرين للرئيس السابق "علي عبدالله صالح"، قبل مقتله على يد الحوثيين، كانت خلاصة موقفه من الإمامة، "وفيهما سجّل تراجعه عن مقامرات السنوات الأخيرة، مبديا انحيازه من جديد للجمهورية والنظام الديمقراطي والدولة الوطنية".

 

وأشار الثلايا في حديثه لـ"مندب برس"، إلى أنه من هذه النقطة يجب أن ينطلق من تأخروا عن مسيرة الدفاع عن الجمهورية، مؤكدا أنه لا كرامة ولا حياة لليمنيين بدون الجمهورية، واعتماد الشرعية الدستورية الانتخابية مصدر قوة الحكم ومشروعيته..

 

وخاطب الثلايا أنصار الرئيس السابق رحمه الله قائلا: "كانت الفترة الماضية مليئة بالتجارب التي أوجعت الجميع، الخطابين الأخيرين  لصالح حدد فيها مفاهيم وإشارات واضحة الجمهورية، الديمقراطية، الشرعية، انطلقوا منها إن كنتم أوفياء ومحبين للرجل الذي ظل في واجهة الأحداث لمدة 40 عام كاملة، أما التباكي واجترار الأحقاد لن يفيد أحدا".

 

كما دعا القوى الوطنية الأخرى إلى الترفع عن الأحقاد، وألا تقع في الشماتة التي لم تخدم من قبلها، مؤكدا أن البلاد لن تستقر إلا بدولة قوية للجميع، بعيدا عن هوس وخرافات الإمامة.

 

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandab-press.net - رابط الخبر: https://mandab-press.net/news53543.html