2015/05/18
ما الخيارات المتاحة أمام صالح والحوثيين مع دخول الجولة الثانية من العمليات العسكرية لقوات التحالف ؟ (تقرير خاص)

انقضت الهدنة الإنسانية التي أعلنها التحالف بقيادة السعودية، ودخلت اليمن المرحلة الثانية من العمليات العسكرية ضد المليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.

 

وبحسب التحالف والحكومة اليمنية، فإن استئناف العمليات العسكرية ضد المليشيات الحوثية جاءت بعد خرق المليشيات للهدنة، واستمرارها في قصف المدنيين في عدة محافظات، وعلى وجه الخصوص عدن وتعز وأبين وغيرها، فضلا عن استمرارها في نقل منصات الصواريخ إلى الحدود السعودية.

 

وفي الأثناء تنهي القوى السياسية المؤيدة للشرعية الدستورية اليوم في العاصمة السعودية الرياض فعاليات مؤتمر الرياض، حيث أعلنت فيه تلك القوى خياراتها والمتمثلة في عودة الشرعية، وخضوع الانقلابيين، وسحب المليشيات وتسليم الأسلحة، وعودة الأوضاع إلى طبيعتها في صعدة قبل عام 2004، فضلا عن البدء بتشكيل وحدات عسكرية مؤيدة للشرعية، تكون نواةً للجيش الوطني القادم.

 

كما أن القوى المؤيدة الشرعية تعتزم المطالبة بوقف التعامل الدولي مع الانقلابيين (صالح والحوثيين)، وكذا تطبيق القرار الأممي رقم (2216  )، والذي ينص على حظر السلاح على صالح والحوثيين،  وكذا فرض عقوبات منها تجميد الأموال وحظر السفر على عبد الملك الحوثي وأحمد علي عبد الله صالح.

 

خيارات صالح

 

رغم أن صالح أتقن فن التخفي وراء عباءة الحوثي منذ بدء التحركات العسكرية ضد الحكومة الشرعية والقوى المساندة للثورة الشعبية، إلا أن مؤشرات كثيرة أكدت ضلوعه بشكل مباشر في كل ما حدث منذ بداية عام 2014، وحتى فرار الرئيس الشرعي من العاصمة الاقتصادية عدن منتصف شهر مارس الماضي، بعد تعرض القصر الرئاسي لقصف الطائرات الحكومية ، التي باتت ظاهريا في قبضة الحوثيين، بينما هي في الحقيقة في قبضة صالح.

 

يرى مراقبون، أن صالح لم يتوقع أبدا تحرك السعودية عسكريا ضد القوات الموالية له، مشيرين إلى أن الرجل أصيب بالصدمة الحقيقة، خصوصا أنه كان يتوقع أن تلجأ دول الخليج، وعلى رأسها السعودية إلى التمسك به كخيار للتخلص من الحوثيين، وكذا من السلطة المترهلة التي كان هو (صالح) سببا مباشرا في ترهلها.

 

صالح تحالف مع الحوثيين، وهو واضعا نصب عينيه أن يتخلص منهم قريبا، كان يأمل في وقوع صراع بين حزب الإصلاح والقوى المساندة له، وبين جماعة "أنصار الله" الحوثية، وحينها ستكون الجماعة قد ضعفت، كما هو حال حزب الإصلاح، ولن يكون هناك قوة صلبة غير علي عبد الله صالح، إلا أن ذلك لم يحدث.

 

دفع صالح الحوثيين للقتال ضد القاعدة، وكذا ضد القبائل في عدة مناطق، وأوعز لأتباعه ممن انخرطوا تحت راية "أنصار الله"، أن يمارسوا فضائع واستفزازات، علّ أطرافا تخوض الحرب ضد الحوثيين، فلم ينجح في ذلك، بل تغولت جماعة الحوثي، حتى باتت تعتقد أنها سيطرت على الدولة.

 

لم تلتفت دول الخليج إلى صالح، ولم تلجأ إليه كما كان يخطط، بل أصرت تلك الدول على حماية الشرعية الدستورية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وكذا الالتزام بمقررات مخرجات الحوار الوطني الشامل.

 

لجأ صالح إلى طريقة أخرى للفت نظر الخليجيين، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، تمثلت هذه الطريقة، في دفع الحوثيين إلى فتح أبوب اليمن لإيران، العدو اللدود للمملكة، معتقدا أن هذا الاستفزاز سيجعل السعودية تعود إليه للتخلص من الحوثيين، مقابل أن يقبلوا بعودته إلى السلطة، عبر بوابة ابنه أحمد علي عبد الله صالح، لكن ذلك لم يتحقق أيضاً.

 

ذهب صالح إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال الإيعاز للحوثيين، بتنفيذ مناورات عسكرية استفزازية على الحدود مع المملكة، كان صالح يعتقد أن هذه هي الخطوة التي ستجعل المملكة تعود إليه، في خطوة ابتزازية واضحة منه، وكان يتوقع أن السعودية ستقوم بضرب الحوثيين، وحينها سيكون هو القوة الوحيدة القادرة على استعادة زمام المبادرة، ومنع انزلاقها إلى الانهيار.

 

كان مفاجئا لصالح، إعلان التحالف العربي، بدء عمليات " عاصفة الحزم"، لم يكن يتوقع أنها ستبدأ به وبمعسكرات الحرس الجمهوري، ومخازن الأسلحة التي كان صالح يتربع عليها.

 

وبعد كل هذا، بدا صالح، مرتبكا، واقع بين خيارين أحلاهما مرّ، إما إعلان الرضوخ لشروط التحالف، والقبول بعودة الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، أو الاستمرار في التحالف مع جماعة الحوثي إلى ما لا نهاية، مع العلم أن الأنسب له، هو الرضوخ، وهذا ربما ما يريده، لكنه بات خيارا صعبا على الأرض، بسبب التعقيد الذي باتت عليه المعارك والهيمنة الواضحة للحوثيين على وحدات الجيش، فضلا عن خشيته نقمة الحوثيين عليه.

 

تقول المصادر، أن صالح دفع بقيادات المؤتمر إلى المملكة، في محاولة منه للتفاوض مع الرياض، لتخفيف الشروط المطروحة، بل وعقد صفقة معينة معه، إلا أن تلك القيادات لم تنجح، في الوقت الذي كان يدعو إلى وقف إطلاق النار، وانسحاب الحوثيين من المدن.

 

صالح يدرك أنه سيخسر كل شيء في حال استمر في تحالفه مع الحوثيين حتى النهاية، في الوقت الذي يدرك الحوثيين أنهم سيخسرون كل شيء في حال قبلوا بشروط التحالف.

 

خيار الحوثيين

 

بالنسبة للحوثيين، وجدوا في التحالف مع صالح، منذ البداية الفرصة الذهبية التي ستأخذهم إلى أقصى ما كانوا يطمحون إليه، مع إدراكهم أن صالح لم يكن يتعامل معهم إلا كأداة، لذلك كانوا على حذر في تعاملهم معه.

 

الحوثيون فوجئوا أيضا، بـ"عاصفة الحزم"، خصوصا أن دول الخليج كانت على علم بكل تحركات الجماعة، وغضّت الطرف عن تلك التحركات، من دماج وحتى صنعاء وما بعدها.

 

الحوثيون تورطوا أيضا بإخراج تحالفهم مع إيران إلى العلن، كون هذا الأمر دفع دول الخليج وبالذات المملكة إلى اتخاذ قرار المواجهة والحسم.

 

الحوثيون اليوم أمام خيارين.. إما أن يتراجعوا ويقبلوا بشروط التحالف، والمتمثلة في الانسحاب من جميع المدن التي احتلوها وكذا الانسحاب من المؤسسات التي سيطروا عليها، سواء كانت مدنية أو عسكرية، وتسليم السلاح، والقبول ببسط نفوذ الدولة على صعدة، وترك السلاح، والتحول إلى العمل السياسي.

 

هذا الخيار بالنسبة للحوثيين، هو بمثابة انتحار كامل، وكما قال السياسي المقرب من الحوثيين، حسن زيد، إن قبول الحوثيين بما يطرحه التحالف العربي، يعني أن تلاحق هذه الجماعة إلى كل شبر في البلاد.

 

جماعة الحوثي لا تستطيع ترك السلاح، لأنه بالنسبة لها عامل البقاء الوحيد، لذلك هي حريصة على توريط صالح، بالإيغال في سفك الدماء في عدن وتعز وغيرها من المحافظات.

 

الحوثيون مستعدون أن يتراجعوا ويوقفوا الحرب في عدن وتعز ومأرب، لكن مقابل ألا يتخلوا عن السلاح، ومقابل ألا ينسحبوا من العاصمة صنعاء على الأقل.

 

التحالف العربي

 

وضع التحالف أهدافا واضحة لعملية "عاصفة الحزم"، ومن بعدها "إعادة الأمل"، حيث تمثلت تلك الأهداف في إعادة الشرعية الدستورية والحكومة الشرعية إلى البلاد، وإنهاء الانقلاب، وإجبار المليشيات على الانسحاب.

 

ومع إصرار المليشيات على الذهاب إلى أبعد مما كان يتوقع التحالف، في تعنت عجيب، وإصرار على إطالة عمر المأساة اليمنية، اضطر التحالف إلى استحداث أهدافا، وخططا إضافية في الحرب ضد الحوثيين.

 

يسعى التحالف الآن إلى إيجاد أرض خالية من التواجد الحوثي، لنقل الشرعية إليها، وكذا إنشاء جيش وطني جديد، والبدء بحوار يمني جديد يستهدف استئناف تطبيق مخرجات الحوار الوطني.

 

وبحسب مراقبين، فإن التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، يسعى أيضا إلى إيجاد واقع جديد، لا يمكن لطرف معين من الأطراف اليمنية، أن يسيطر فيه، ويفرض أجندته بالقوة، كما كان حاصلا في السابق.

 

السعودية والتحالف من ورائها ربما لن تدعم طرف محدد، ضد بقية الأطراف، حتى وإن كانت تلك الأطراف معادية لها، لذلك تحاول إيجاد قاعدة جديدة تجمع كل الأطراف، ولا يكون فيها سطوة لأحد، مع ضرورة القضاء على التهديد المليشاوي، الذي يمثله الحوثيون على الشعب اليمني، وعلى دول الإقليم.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandab-press.net - رابط الخبر: https://mandab-press.net/news10476.html