2015/11/02
منظمات دولية: الصحافة اليمنية تشهد أسوأ مراحلها منذ 25 عاما

يتعرض الصحفيون اليمنيون لمزيد من المضايقات والاختطاف والتعذيب، والإخفاء القسري، الذي تقوم به مليشيات الحوثي، حيث كثفت هذه المليشيات نشاطها العدائي للصحفيين، بعد تحريض زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ووصفه للصحفيين بأنهم "مرتزقة وعملاء وخونة، وأنهم أكثر خطراً على اليمن من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين".

 

صورة قاتمة

ووصل مناخ الحريات الصحفية في بلادنا إلى حد القتل والاحتجاز التعسّفي واستخدام الصحفيين كدروع بشرية والإخفاء القسري ووقف الرواتب والطرد من العمل، وغيرها من الانتهاكات، التي تهدف إلى إسكات الصحافيين، عن نقل حقيقة ما يجري في البلاد.

 

صورة قاتمة، رسمها تقرير صدر مؤخرا عن نقابة الصحفيين اليمنيين، تعيشها حالة الصحافة والصحفيين، تعد هي الأسوأ على الإطلاق في اليمن منذ 25 عام، في ظل سيطرة مليشيات الحوثي على مقاليد السلطة، عبر انقلاب مسلح على السلطات الشرعية.

 

ورصد تقرير نقابة الصحفيين اليمنيين، الذي أعدته بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين،  200 حالة انتهاك لحرية الصحافة والتي تشمل التهديد والسجن وحظر وسائل الإعلام وقتل الإعلاميين، مؤكدا حالة التدهور الحاد للحريات الصحفية والإعلامية في اليمن.

 

وأورد التقرير إحصائية لما تتعرض لها الساحة الصحفية خلال النصف الأول للعام الجاري، مبينا مقتل 10 صحافيين، والقبض والاختطاف ومحاكمة 55 آخرين، و 21 حالة تهديد ومضايقات وحملات تشهير، و8 حالات إيقاف عن العمل والفصل وإيقاف الراتب، وغيرها من الانتهاكات.

 

تزايد الانتهاكات

يقول رئيس تحرير موقع نشوان نيوز الإخباري، رياض الأحمدي، إن "الصحافة في عهد الميليشيات دخلت مرحلة جديدة، ووجد الصحفيون أنفسهم أمام واقع آخر لا قانون فيه، وكل يوم تتزايد فيه أنواع التهديدات للصحافيين، خصوصاً أولئك يعارضون سياسات الحوثيين".

 

وأضاف الأحمدي،   أن "تصرفات المليشيات الحوثية، أغلقت العديد من الوسائل الإعلامية، واضطر بعض الإعلاميين لمغادرة العاصمة صنعاء إلى خارج البلاد".

 

وأردف قائلا "الصحفيون هم جزء من المجتمع والبلد الذي يكتوي بالحرب، ولكن الصحافة من أكثر المتأثرين، حيث وصلت إلى أسوأ مراحلها، وطغى إعلام الدعاية والتعبئة على إعلام نقل الحقائق".

 

وتابع "يجب أن نفرق بين عهد الحوثيين كعهد ميليشاوي غير قانوني، حدثت فيه الكثير من الانتهاكات، وبين الواقع الذي فرضته الحرب، منذ مارس الماضي، وهذا لا يعني التهوين من جرائم الاعتقال والملاحقة المسئول عنها الحوثيون".

 

وشن زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، في الحادي عشر من سبتمبر الماضي، هجوماً على الصحافيين المناهضين لجماعته، واصفاً إياهم بـ"المرتزقة والخونة"، الأمر الذي دفع "الاتحاد الدولي للصحافيين"، إلى التنديد بتوعد الحوثي، وطالبه بإصدار أوامر واضحة لأتباعه بالكف عن استهداف الصحافيين.

 

وردا على ذلك قال جيم بوملحة، رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين، إن "الاتحاد يتابع بحذر وقلق شديدين الانتهاكات لحرية الإعلام في اليمن منذ بداية العام"، مضيفا انه "من غير المقبول على الإطلاق استخدام الصحفيين أو وسائل الإعلام كأهداف عسكرية".

 

من جهته، قال الصحافي عبد الباسط الشاجع، سكرتير تحرير موقع الإصلاح نت، إن "الصحافة اليمنية تعيش أسوأ مرحلة في تأريخ اليمن الحديث، حيث قلعة الجمهورية التي عمدت بدماء ثوار 26 سبتمبر، وأعطت مساحة واسعة لحرية الرأي والكلمة، تنسف اليوم بمعاول ميليشيا الحوثي في سابقة لم تشهدها اليمن".

 

وأضاف الشاجع  "لقد فقدت 9 من اعز زملائي الصحفيين الذين جمعتنا المهنة والهم الوطني، ولا زالوا يقبعون في سجون الميليشيا منذ 5 أشهر ويتعرضون لأساليب التعذيب الجسدي والنفسي"، مشيرا إلى أن "خطاب زعيم ميليشيا الحوثي الذي أعلن فيه الحرب على الصحفيين والمثقفين، يؤكد الضيق والانزعاج الشديد الذي تبديه ميليشياته تجاه الصحفيين".

 

هجرة جماعية

بدوره، قال الصحفي أحمد الصهيبي، إن "مليشيات الحوثي، منذ أن سيطرت على العاصمة صنعاء، كان أكثر شيء تراه تستحق العقاب هو أقلام الصحفيين والكتاب، الذين سيقومون بفضح جرائمها وانتهاكاتها بحق الوطن والمواطنين، ولازالت المليشيات تخفي قسريا عدد من الصحفيين".

وأضاف الصهيبي أن "أغلب الصحفيين غادروا العاصمة صنعاء، إلى خارج البلاد، وبعضهم انتقل إلى محافظة تعز، والبعض الآخر انتقل إلى محافظه مأرب، خوفاً من انتهاكات الحوثيين الفظيعة بحق الصحفيين، الذي وصل إلى حد القتل".

وتابع القول "الصحفيون اليمنيون يدفعون الثمن باهظا، وحرية الصحافة في خطر، فإن كنت تنقل الحقائق على الأرض فأنت مرتزق وعميل وخائن، في قاموس الحوثيين، ويجب قتلك، أو تعذيبك، وغيرها من أشكال التنكيل، التي تمارسها مليشيات الحوثيين، ضد الصحافيين".

 

ولا تزال مليشيات الحوثي، تواصل احتجاز اثنا عشر صحفيا، في العاصمة صنعاء، منذ 9 يونيوالماضي، ولا يزالون رهن الإخفاء القسري، وجرت معاملة هؤلاء الصحافيين كأنهم "إرهابيين"، حيث اقتيدوا إلى وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للبحث الجنائي بوزارة الداخلية، كما أنهم حرموا من حقوقهم الأساسية كموقوفين، حيث لم يُسمح لذويهم بزيارتهم أو توكيل محامين للدفاع عنهم أو معرفة التهمة الموجهة إليهم، ناهيك عن إخفائهم قسرياً في أماكن احتجاز غير معروفة.

 

حملة دولية

وكانت مؤسسة الكرامة السويسرية لحقوق الإنسان، وجهت نداءً عاجلاً إلى العديد من الجهات المختصة التابعة للأمم المتحدة بشأن تسعة صحافيين يمنيين تتراوح أعمارهم بين23-31 عاما، اختطفتهم مليشيات الحوثيين في العاصمة صنعاء في 9 يونيو الماضي، ولا يزالون رهن الإخفاء القسري حتى اللحظة.

 

وقالت خديجة نمار المسؤولة القانونية عن منطقة الخليج بمؤسسة الكرامة، إنه "بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف تبرير مثل هذه الممارسة التي يمكن أن تصل إلى حد التعذيب، سواءً كانت بقصد معاقبة الضحايا أو تخويفهم أو ابتزازهم للحصول على معلومات".

 

والجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي للصحافيين، أطلق حملة دولية لدعم الصحفيين اليمنيين الذين يتعرضون لعمليات قمع وتنكيل غير مسبوقة على أيدي قوات الحوثيين وصالح، وذلك في ختام أعمال الاجتماع الذي عقده الاتحاد في العاصمة البلجكية بروكسل، الأسبوع الماضي، بالتعاون مع المنتدى العالمي لتطوير الإعلام ومنظمة دعم الإعلام الدولي، بمشاركة منظمات مختصة بتنمية الإعلام، ومراقبون من هيئات الأمم المتحدة منها اليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبعثة الأمم المتحدة في اليمن بالإضافة إلى بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن.

 

وسلط الاجتماع الضوء على أزمة السلامة المهنية التي تواجه العاملين الإعلاميين في اليمن، والتعاون لتنسيق الدعم للصحفيين اليمنيين، فيما خلص المشاركون إلى إقرار خطة عمل لمواجهة الأوضاع المروعة التي يواجها الصحفيون في هذا البلد.

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandab-press.net - رابط الخبر: https://mandab-press.net/news20189.html