2016/02/21
الصحافيون العدو الأول في قائمة الميليشيات

كلما اشتد الخناق ميدانياً على تحالف الانقلابيين، المخلوع والحوثي، زادت الإجراءات التعسفية حدّة ضد الصحافيين في اليمن، ذلك أن الجماعة المسلحة تضع الصحافي في أعلى قائمة المطلوبين المناوئين لمشروعها الطائفي.

منذ اليوم للانقلاب، صادر الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي صالح، كل وسائل الإعلام وأغلقوا مكاتب كل القنوات الفضائية عدا قناتين أو ثلاث تسبح في فلكهم، كما نهبت مكاتب الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية، والأشد ضراوة اقتياد الصحافيين إلى أماكن مجهولة، وأسوأ الحالات جعلهم دروعاً بشرية كما حدث مع عبدالله قابل ويوسف العيزري اللذين قضيا نحبهما في غارة لطيران التحالف في محافظة ذمار استهدفت مخزناً للسلاح تابعاً للميليشيات كانا قد سجنا فيه.

وخلال الأيام الماضية، اختطف الحوثيون صحافييْن اثنين، هما عبدالله المنيفي وحسين العنسي، من ذمار واقتيدا إلى جهة مجهولة، وبدأ القلق يساور عائلات المخطوفين وزملاءهم، خشية أن يتكرر سيناريو الدروع البشرية معهما.

ولا يزال 11 صحافياً رهن الاختطاف في سجون الحوثي وصالح بصنعاء من دون تهمة إلا أنهم صحافيون مناهضون لمشروع الانقلاب.

وكلما مُنيَ الحوثي وحلفاؤه بالهزائم في جبهات القتال، عادوا ليفرغوا غضبهم وحقدهم على حملة الأقلام، ببساطة لأن حملة السلاح مرّغوا أنوف الانقلابيين بالتراب في الفرضة وتعز ومأرب والجوف.

لا غرابة، فعبدالملك الحوثي زعيم الميليشيا المسلحة حرّض غير مرة على الصحافيين والإعلاميين وقال ذات خطاب إنهم مثلهم مثل المقاتلين، بل أشد خطراً منهم، ودعا مقاتليه إلى التنكيل بالصحافيين والإعلاميين والناشطين.

فميليشيا ينظر زعيمها إلى الصحافيين على أنهم أخطر من المقاتلين، حتماً ستهدر دمهم، لاسيما المناوئون لتوجهاتها وأساليبها.

هجرة

ومنذ 21 سبتمبر 2014، غادرت وسائل الإعلام المحلية والعالمية العاصمة اليمنية صنعاء بعد سيطرة ميليشيا الحوثي على مقاليد الأمور هناك، وبدأت تذيع موادها من خارج الحدود، فيما لجأ صحافيون وناشطون إلى ممارسة المهنة عن طريق التخفي، خشية الاختطاف.

وتقول المنظمات الحقوقية والصحافية إن ما يقوم به المسلحون الحوثيون ضد الصحافيين المناوئين لهم سلمياً، يعد مؤشراً على تدهور حرية الرأي والتعبير في البلاد، وتحذر من زج الصحافيين والإعلاميين في الصراعات الجارية في البلد منذ أشهر، بين الحكومة الشرعية والتحالف العربي من جهة، وبين مسلحي الحوثي وقوات موالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

ولم تشهد البلاد وضعاً مقلقاً كهذا الذي تعيشه الصحافة والإعلام اليمني هذه الأيام، إذ أقدمت وزارة المواصلات التي تخضع لسيطرة الحوثيين على حجب التصفح لجميع المواقع الإلكترونية عدا المواقع التي تديرها الجماعة المسلحة والتي تحرض على القتل وإزهاق أرواح اليمنيين.

ويقول رئيس لجنة التدريب والتأهيل بنقابة الصحفيين نبيل الأسيدي، إنه: لم يعد هناك حرية صحافة في اليمن، ولا يوجد حرية تعبير مطلقاً، لا صوت إلا صوت الميليشيات وبنادقهم وصحفهم، لقد استولوا على كافة وسائل الإعلام الحكومية بقوه السلاح، حتى وكالة الأنباء استولوا عليها، وعلى التلفزيون والإذاعة الرسمية، وأوقفوا كل الصحف الأهلية والحزبية والمستقلة وأغلقوا مكاتب القنوات الفضائية المحلية، واستولوا على مرتبات المئات من الصحافيين، واعتقلوا العشرات، ولا يزالون يعتقلون كل مخالف لهم في الرأي.

وأضاف الأسيدي في تصريح لـ«البيان»، أن «الحوثيين لا يريدون إلا صوتهم، ولا يريدون إظهار الحقائق التي تحدث على أرض الواقع، يريدون إسكات الحقيقة وصوت الناس ولا يسمحون إلا بأصوات مسانديهم»، لافتاً إلى أن الانقلابيين «حجبوا كل المواقع الإخبارية الناقدة لهم، فلا يوجد أي صوت غير صوت الميليشيات وأبواقهم، وصنعاء أصبحت عاصمة خالية من الصحافيين».

من جانبه، يرى الصحافي أحمد الشميري، أن الاعتداء على الصحافيين اعتراف واضح من الميليشيات على عظمة الجريمة التي ترتكبها بحق الشعب اليمني، فلا يمكن لمن يؤمن بالديمقراطية وحق الشعوب بالعيش الكريم واختيار من يحكمها أن يعتدي على صحافي ويصادر حقه في قول الكلمة.

ويضيف الشميري أن «الحوثيين يرون بأن الصحافي اليمني شاهد لا يمكن أن يتغاضى أو يصمت عن مخططاتهم الإرهابية بحق الوطن والمواطن، ولهذا يواصلون جريمتهم ضده».

وتابع أن «الميليشيا الحوثية تخفي مخططاً إرهابياً تسعى من خلاله لممارسات إبادة عنصرية ومناطقية، وتريد التخلص من الصحافيين بحيث تمارس انتهاكاتها دون أن يطّلع عليها الرأي العام ولا منظمات حقوق الإنسان».

حقائق

كشف تقرير صادر عن لجنة حقوق الإنسان اليمنية أن الحوثيين وقوات صالح، ارتكبوا 184 ألفاً و551 انتهاكاً في شتى نواحي الحياة اليمنية العام الماضي، أسفرت عن مقتل 8182 شخصاً واعتقال 8881 آخرين، إضافة إلى جرح 19.782 شخصاً وتهجير غالبية سكان المدن اليمنية.

وذكر التقرير أن من بين تلك الانتهاكات تقويض الحريات الإعلامية وإغلاق الفضائيات والصحف وحجب المواقع الإلكترونية. وتتوزع هذه الانتهاكات على 17 مدينة ومحافظة ومديرية. وأضاف أن الحوثيين أغلقوا 9 قنوات فضائية و38 صحيفة، وحجبوا أكثر من 86 موقعاً إلكترونياً، ومنعوا 8 إذاعات من البث.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandab-press.net - رابط الخبر: https://mandab-press.net/news26712.html