تمر بعد شهر الذكرى السنوية الثالثة لمجزرة "الصالة الكبرى"، في صنعاء، إثر غارات شنتها مقاتلات التحالف بتوجيه من أبو ظبي.
وتعد حادثة 8 أكتوبر2016، الأكثر دموية في تاريخ الحرب، حيث كان معظم المستهدفين قيادات ورجال أعمال ومشائخ وشخصيات اجتماعية، تحدثت مصادر أن معظمها كانت تكن بالولاء للشرعية بشكل غير مباشر.
زمن الحادثة
عند عصر يوم 8 أكتوبر، كانت الصالة الكبرى عنواناً لتجمع آلاف اليمنيين، بينهم قيادات ومسؤولون وشيوخ قبائل ومدنيون وعسكريون، حضروا لتقديم العزاء بوفاة وزير داخلية الحوثيين جلال الرويشان.
وبينما كانت "الصالة الكبرى" تكتظ بالمئات من المُعزين، فوجئ الحاضرون ومعهم سكان المناطق القريبة، بسقوط صاروخ أطلقته مقاتلة حربية إماراتية، في حدود الثالثة وعشرين دقيقة، وبعد نحو سبع دقائق جاء الصاروخ الآخر، مستهدفاً المسعفين والجرحى والعالقين بين الركام، مخلفاً مشهداً دامياً من القتلى والأشلاء والجرحى والحرائق.
وأثارت الجريمة سخطاً يمنياً ورفضاً شمل المناصرين من مختلف الأطراف، بما فيها المؤيدين للشرعية اليمنية، وقيادات في الدولة.
وجاءت الحادثة بالتزامن مع استبشار شعبي بتقدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في عدة محافظات، وتراجع كبير لميليشيا الحوثي، التي دفعت جريمة استهداف القاعة الكبرى إلى تقوية صفوفها من خلال استغلالها لصالحها.
رفض حكومي
وعلق عبدالملك المخلافي الذي كان حينها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، على حادثة استهداف مجلس عزاء في الصالة الكبرى، جنوب العاصمة صنعاء.
وقال وزير الخارجية المخلافي، في حسابه الشخصي على موقع التدوين المصغر "تويتر" إن "جريمة القاعة الكبرى بصنعاء مدانة مثل جرائم قتل المدنيين في كل اليمن ".
وأشار "المخلافي" إلى أن الحل الحقيقي لمآسي الحرب هو السلام الذي يجب أن نعمل من أجله ونسعى إليه.
وسقط في الحادثة أكثر من 140 قتيل، وأصيب قرابة 500 بينهم قيادات عليا عسكرية ومدنية موالية للانقلابيين وأخرى رافضة لها.
نفي التحالف !
وفي 15 أكتوبربعد أقل من أسبوع على القصف، أقر التحالف بقصف "الصالة الكبرى"، إذ أصدر الفريق المشترك لتقييم الحوادث، بياناً اتهم جهة في الجيش الوطني بتقديم "معلومات مغلوطة"، جرى على ضوئها القصف من دون العودة إلى قيادة التحالف.
وحاول التحالف التهرب من مسؤولية الطيران الإماراتي في القصف، وذكر البيان إنه "بعد اطلاع الفريق على جميع الوثائق، بما في ذلك إجراءات وقواعد الاشتباك، وتقييم الأدلة، بما في ذلك إفادات المعنيين وذوي العلاقة في الحادثة، توصل الفريق إلى أن جهة تابعة لرئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية قدمت معلومات إلى مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية تبين لاحقاً أنها مغلوطة عن وجود قيادات حوثية مسلحة في موقع محدد في مدينة صنعاء".
الإمارات وراء الجريمة
وقال مصدر حكومي لـ"مندب برس"، إن القيادة الإماراتية ضمن التحالف، هي من أمرت بتوجيه الضربة العسكرية للقاعة الكبرى بصنعاء.
وأوضح المصدر، أن الإمارات هدفت من وراء الغارة إلى إشعال الغضب بين القبائل اليمنية، وفي مقدمتها قبائل خولان، لمنع تقدم الجيش الوطني من صرواح مأرب باتجاه خولان.
وأشار إلى أن أحد أهدافها أيضاً من وراء الحادثة "إخفاء معالم جريمتها في قتل الشهيد عبدالرب الشدادي في 7 أكتوبر، في معركة صرواح (قبل قصف القاعة بيوم)، والتي اتضحت لاحقاً أنه تعرض لقصف من مدفعية إماراتية".
وعملت الإمارات التي تعد شريكاً للسعودية في حربها باليمن، على إفشال تقدم الجيش في عدة جبهات، كان أبرزها الغارات التي تعرض لها الجيش في نهم بصنعاء، أثناء محاولتهم التقدم نحو العاصمة.
القضاء على انتفاضة في صنعاء
وساهمت الجريمة في القضاء على الانتفاضة الشعبية التي شملت المؤسسات الحكومية والجامعات والمدارس، والتي كانت ترفض ميليشيا الحوثيين.
وشهدت صنعاء خلال العامين الأولين للحرب في اليمن، انتفاضة في المؤسسات الحكومية، وتوقف عن العمل، ما تسبب في شلل كامل في تلك المؤسسات.
لكن الغارة التي استهدفت القاعة الكبرى، أنهت على تلك الانتفاضة باستشهاد وإصابة العشرات ممن كانوا نواة لتلك الاحتجاجات ممن حضروا العزاء وكانوا على تواصل غير مباشر مع الشرعية.
وبعد تلك الغارة وحالة الصدمة التي تعرض لها سكان صنعاء ومعظم اليمن، خفتت بشكل كبير الأصوات المعارضة، لتكون الغارة "المدبّرة"، الأداة التي تسببت في القضاء على أي احتجاجات أو معارضة ضد الحوثيين لاحقاً