2025/04/19
ذمار... خزان الحوثيين وبوابة صنعاء الجنوبية بمرمى الغارات الأميركية

تعرضت محافظة ذمار اليمنية، التي توصف بأنها الخزان البشري لجماعة الحوثيين، لغارات أميركية مساء الثلاثاء الماضي، تعد الأولى التي تستهدف المحافظة منذ بدء العدوان الأميركي على اليمن منتصف مارس/آذار الماضي. وشنّت مقاتلات أميركية غارات على مراكز تدريب للحوثيين في عنس في محافظة ذمار جنوب صنعاء، وهي المرة الأولى التي تتعرض فيها المحافظة لغارات بعد ما يقرب من تسع سنوات من آخر غارة شنها التحالف العربي على هذه المحافظة.

واعتبر مراقبون أن استهداف وجود الحوثيين في محافظة ذمار يعد تطوراً في مسار العمليات العسكرية الجوية للجيش الأميركي، بعد تمكن الحوثيين من إخفاء تحركاتهم فيها خلال الفترة الماضية من الحرب. وذمار هي المحافظة التي ظلت خارج محور الاستهداف العسكري للتحالف العربي لما يقرب من تسع سنوات من آخر غارة تعرضت لها، رغم أهميتها ومركزيتها للحوثيين من الناحية الاستراتيجية والعسكرية واللوجستية والعملياتية في الصراع، على عكس محافظات أخرى التي يوجد فيها الحوثيون.

حسين الآنسي: الحوثيون اتخذوا من ذمار مقراً لإدارة عملياتهم

ذمار معقل الحوثيين

وتعد ذمار معقل الحوثيين ومخزونهم البشري والعسكري، لا سيما أن عدد سكانها يتجاوز مليوني نسمة، يتوزعون على 12 مديرية بمساحة تقدر بـ9 آلاف و500 كيلومتر مربع، وفق تقديرات مسؤولين في المركز الوطني للمعلومات والإحصاء، فيما تغيب أي إحصائيات حول الخسائر البشرية في المحافظة من جراء سنوات الحرب الطويلة. وبقدر ما تمثل أهمية من ناحية الخزان البشري للحوثيين، فهي تمثل أيضاً بوابة صنعاء الجنوبية وحاميتها، كما أن لها أهمية استراتيجية في إطار الحرب على المستوى الجغرافي، فهي نقطة وصل بين الشمال والجنوب والغرب والشرق، إذ تحدها صنعاء شمالاً وإب جنوباً والبيضاء شرقاً، فيما تحدها غرباً الحديدة وريمة.

 

وقال العقيد في الجيش الوطني حسين الآنسي، وهو من أبناء ذمار، لـ"العربي الجديد"، إن الحوثيين اتخذوا من ذمار، من اليوم الأول لانطلاق عاصفة الحزم في 25 مارس/آذار 2015، مقراً لإدارة عملياتهم، من خلال التدريب وإرسال السلاح والمقاتلين إلى كل الجبهات، وانتقلت إليها قيادات حوثية كثيرة، من صعدة وصنعاء وعمران، هرباً من غارات التحالف العربي، و"أسسوا نظام حكم قمعياً فيها وحولوها إلى مركز للتدريب والتصنيع وإدارة عملياتهم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بحكم قربها من مسرح العمليات في كل الجبهات".

بنية تحتية خاصة بالحوثيين

ولفت إلى أن "الحوثيين كرسوا جهودهم من أجل بناء بنية تحتية خاصة بهم في ذمار، وتمكنوا من إخفاء أنفسهم وتحركاتهم فيها بحكم التضاريس المعقدة للمحافظة والبنية القبلية التي يعتبرون أنها أهم من صنعاء، لأنهم يدركون أن سقوطهم فيها يعد البداية الحقيقية لسقوطهم وسقوط العاصمة". وأوضح أن "هناك محافظتين تعدان ذواتي أهمية بالغة بالنسبة للحوثيين، وتعدان جداراً لحماية ذمار، وهما إب والبيضاء، وإن كانت الأخيرة تقلق الحوثيين كثيراً، فهي التي ستحدد مستقبل ذمار وصنعاء معاً نظراً لموقعها" على اعتبار أنه ترتبط بها ثماني محافظات هي صنعاء وذمار والضالع وإب وأبين ولحج إلى جانب شبوة ومأرب.

د

وحسب الآنسي، فإن "الحوثيين يراهنون على وجود حاضنة شعبية لهم في ذمار ساعدتهم خلال الفترة الماضية على إدارة الحرب مع الشرعية المدعومة من التحالف العربي، خصوصاً القبائل التي تتلاقى معهم مذهبياً وتتوزع في عدد من مناطق المحافظة، لكن في الوقت نفسه، يدرك الحوثيون أن بعض تلك القبائل قد لا تواصل دعمهم ومساندتهم، بحكم الخسائر البشرية الكبيرة في صفوفها خلال السنوات العشر الماضية. كما أن هناك قبائل ومناطق في ذمار لا تقف في صف الحوثيين ولا تدعمهم في حربهم، وهي نأت بنفسها خلال فترة الحرب بعدم الدخول في مواجهة مباشرة معهم، وقد تشكل ثقلاً في موازين القوة إذا انخرطت في الصراع".

وليد جوشان: الحوثيون يلاحقون منذ بداية الحرب كل من يشكون أنه غير موالٍ لهم

ويعاني أهالي ذمار من وضع معيشي واقتصادي صعب. وبدأ الحوثيون إجراءات أمنية جديدة، ولاحقوا عشرات الباعة المتجولين، وقد سُجن بعضهم، لتأمين تحركاتهم في المحافظة. وقال وليد جوشان، وهو أحد أبناء ذمار، لـ"العربي الجديد"، إن ذمار فيها كثافة سكانية كبيرة ويعتمد الناس فيها على الزراعة بالدرجة الرئيسية، وتأثروا كثيراً من خلال الجبايات التي يفرضها الحوثيون عليهم، إلى جانب دفعهم أبناء المحافظة إلى الجبهات مستغلين وضعهم الإنساني. وأضاف جوشان أن الحوثيين "يلاحقون منذ بداية الحرب كل من يشكون أنه غير موالٍ لهم، ويفرضون تشديدات أكثر بكثير من تلك التي فرضوها في المحافظات الأخرى كونها "عاصمتهم"، واعتقلوا المئات"، موضحاً أنه "اضطر مع أسرته وآخرين للهرب إلى مناطق الشرعية، بعد أن أصبحوا من المطلوبين لدى الجماعة".

وقال أحد النشطاء المجتمعيين، لـ"العربي الجديد"، إن ذمار "عبارة عن سجن كبير، نظراً لأن غالبية الأسرى والمعتقلين من جميع المحافظات يُنقلون إليها، ففيها السجون والمعتقلات السرية فضلاً عن كونها تربط جنوب ووسط وشرق وغرب البلاد". ولفت إلى أنها بالنسبة للحوثيين تحتل المرتبة الأولى من حيث الأهمية الأمنية مقارنة مع باقي المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandab-press.net - رابط الخبر: https://mandab-press.net/news69641.html