2025/04/22
فوضى داخل البنتاغون: تسريبات حول اليمن وخلافات تطيح طاقم وزير الدفاع

يتوقع متابعون للشأن الأميركي مزيداً من الفوضى داخل وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع استمرار التسريبات وعمليات الإقالة، وكذلك إعادة هيكلية ميزانية الوزارة، عبر إعادة ترتيب الأولويات وتقليص بعض القطاعات أو دمجها أو إنهائها. هذا الأمر يطرح مخاوف بشأن تضارب مصالح داخل البنتاغون قد يكون مرتبطاً بقلة خبرة الوزير بيت هيغسيث، وسوء إدارة المعلومات الحسّاسة والسرّية، أو بعدم تجانس بين الفريق المحيط به، ما يؤدي إلى حدوث منافسات وتوترات دائمة. إلا أن كلّ ذلك يحصل في وقت شديد الحساسية، داخلياً وخارجياً، ويناقض رؤية الرئيس دونالد ترامب، لفريق عامل هادئ ومتجانس.

تسريحات في البنتاغون

ولم يعد سرّياً الاختلافات التي تحيط بفريق ترامب. وفي وزارة الدفاع تحديداً، أكدت مصادر متابعة لموقع بوليتيكو، في 18 إبريل/ نيسان الحالي، أن الوزير هيغسيث، أحاط نفسه في البداية بأشخاص لا تتلاءم اهتماماتهم مع أولوياته، وها هو اليوم أصبح فجأة من دون مستشار أو نائب لرئيس مكتبه، وخسر 4 أشخاص من فريقه دفعة واحدة.

وفي آخر فصول الفوضى، يبدو أنه قد تمّ فعلاً تسريح دان كالدويل، أحد كبار مستشاري وزير الدفاع، ودارين سيلنيك، الذي أصبح في الآونة الأخيرة نائباً لرئيس مكتب هيغسيث، وكولين كارول، الذي كان مديراً لمكتب نائب وزير الدفاع، ستيف فاينبرغ. وأصدر الثلاثة، أول من أمس السبت، بياناً مشتركاً، شكّكوا فيه بتحقيق داخلي بشأن تسريبات أدى إلى إطاحتهم. وعلى موقع إكس، كتب كادلويل: "نشعر بخيبة أمل شديدة من الطريقة التي انتهت بها خدمتنا في وزارة الدفاع، لقد شوّه مسؤولون في الوزارة سمعتنا بهجمات لا أساس لها قبل مغادرتنا". وأضافوا: "لم نُبلّغ بعد بماهية التحقيقات التي خضعنا لها تحديداً، وما إذا كان هناك تحقيق جارٍ، أو حتى ما إذا كان هناك تحقيق حقيقي في تسريبات من الأساس". وكانت وكالة رويترز، قد كشفت أنه تمّ اقتياد كالدويل، يوم الثلاثاء الماضي، إلى خارج مبنى الوزارة بعدما كشف تحقيق داخلي في تسريبات بالوزارة عن قيامه "بإفشاء معلومات غير مصرَّح بها"، وفق مسؤول أميركي تحدث للوكالة. وبعد كالدويل، استبعدت الوزارة سيلنيك وكارول. وأكد الثلاثة، الذين كانوا قد وُضعوا بدايةً في إجازة إجبارية بانتظار "التحقيق"، في بيانهم، أنهم لم يسّربوا معلومات حسّاسة.

 

ويأتي ذلك فيما كان المتحدث (السابق) باسم البنتاغون جون أوليوت قد قدّم استقالته الأسبوع الماضي، لكن البنتاغون قال إنه طُلب من أوليوت تقديم استقالته. وبحسب "بوليتيكو" في تقريره، فإن جو كاسبر، كبير موظفي هيغسيث، سيترك منصبه خلال الأيام المقبلة، لدور جديد. وقال الموقع إن كاسبر كان على خلاف مع كالدويل وسيلنيك وكارول، وإن الأخيرين ينويان رفع دعوى على الوزارة. ولمّح الموقع إلى أن الأمر مرتبط بعدم تجانس أو منافسة أو غياب الكيمياء الشخصية بين المسؤولين الأربعة، لكن "بوليتيكو" ذكّر بطلب كاسبر، تحقيقاً في تسريبات داخل البنتاغون في مارس/ آذار الماضي، تتعلّق بالكشف عن خطط عسكرية عملياتية خاصة بقناة بنما، وإرسال حاملة طائرات ثانية إلى البحر الأحمر، وزيارة قام بها مالك شركة تسلا، إيلون ماسك، وهو المكلف قيادة وزارة الكفاءة الحكومية التي أنشأها ترامب، إلى مقر البنتاغون. وقال مسؤول كبير في الوزارة للموقع، إن هناك فوضى كبيرة داخلها، وهذا يعكس دور القيادة. وبالعودة إلى الوراء، فقد كان هيغسيث واجه أول تحدٍّ خطير منذ تولي منصبه، مع تسريبات تطبيق "سيغنال" بين مسؤولين بارزين بإدارة ترامب، ومنهم مستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، حيث ضُمّ صحافي بالخطأ إلى صفحة دردشة بشأن العملية العسكرية الأميركية ضد جماعة الحوثيين في اليمن.

لكن إنهاء الخدمات داخل الوزارة بدأ مع حملة تطهير في فبراير/ شباط الماضي، طاولات عدداً من كبار العسكريين، من بينهم الجنرال سي كيو براون، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة السابق، وقائدة العمليات البحرية، الأدميرال ليزا فرانشيتي. وكان الرئيس السابق جو بايدن، قد اختار فرانشيتي للمنصب الأعلى في البحرية الأميركية، في يوليو/ تموز 2023.

لكن كالدويل وسيلنيك وكارول من الداعمين لترامب، وأكدوا في بيانهم أنهم لا يزالون داعمين مهمة ترامب ونائبه جي دي فانس "لجعل البنتاغون عظيماً مجدداً"، وأنهم سيواصلون العمل من أجل سياسة "السلام من خلال القوة" التي يتبناها الرئيس الحالي.

وكان ترامب قد وقّع في 9 إبريل الحالي، أمراً تنفيذياً من شأنه أن يفضي إلى إلغاء برامج استحواذ دفاعية كبرى، ودعم الحصول على تكنولوجيات تجارية جديدة، وإحداث تغييرات في اليد العاملة، ضمن ورشة منحها مهلة 90 يوماً لإتمام مهامها. وتعكس الكثير من أوامر ترامب وقرارات هيغسيث أن التركيز هو على 4 تحديات إقليمية، الصين وروسيا وإيران ووكلائها وكوريا الشمالية، وعلى مكامن قدرات لا ترتبط بعدو محدد، وهي التحديث النووي والحروب الهجينة وتعزيز الدفاع داخل الولايات المتحدة وفي نصف القارة الشمالي. وكانت وزارة الدفاع قد أوقفت طرد حوالى 1500 موظف مدني، في فبراير الماضي، بعد كشف شبكة سي أن أن عن الأمر.

في غضون ذلك، ليست الحال أفضل في الشارع الأميركي، الذي تتواصل فيه التظاهرات ضد سياسة ترامب. وأول من أمس السبت، خرج آلاف الأميركيين إلى الشوارع في نيويورك ومدن أميركية كبيرة أخرى، في يوم ثانٍ من الاحتجاجات المناهضة للرئيس في غضون أسبوعين. ورفع متظاهرون لافتات تحمل عبارات "لا يوجد مَلك في أميركا" و"لنُقاوِم الطغيان"، إلى جانب صور لترامب وقد بدا على وجهه شارب شبيه بشارب هتلر. وندّد المتظاهرون خصوصاً بسياسة البيت الأبيض المناهضة للهجرة، في وقت علّقت فيه المحكمة العليا ترحيل المهاجرين من خلال قانون "الأعداء الأجانب" الذي استند إليه ترامب ويعود إلى عام 1798. وتجمّع متظاهرون أيضاً خارج البيت الأبيض في واشنطن، وكذلك في ولاية تكساس المحافظة والداعمة لترامب، جنوبي البلاد. كذلك خرجت تجمعات جديدة خارج وكالات بيع سيارات تسلا.

(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandab-press.net - رابط الخبر: https://mandab-press.net/news69655.html