2014/12/12
الجنرال المُتقلب"ناصر"،،محطاته الأكثر إثارة للجدل بين 4 رؤوساء وانتفاضتين و3 حكومات

طوى الرئيس عبدربه منصور هادي ، في مطلع شهر فبراير من العام الجاري، عهد  أكثر وزير يمني إثارة للجدل ، بدأ عمره كضابط مغمور ، ساقته الأقدار ليصير الجنرال الأقوى ، خاض معارك ضد الجميع ، قبل أن يعود الى طوره الأول ، ويقود معركة ضد نفسه ، في مشهد دراماتيكي ، ينتهي بالهروب إلى خارج البلاد .

بداية الصعود

ولد محمد ناصر أحمد الحسني في إحدى قرى أبين الجنوبية (1950)،  نال الماجستير في العلوم العسكرية  قيادة وأركان من الإتحاد السوفيتي ، قبل أن يعود  إلى الشطر الجنوبي ويتقلد مناصب عديدة في الجيش ، أبرز تلك المواقع ، قائد الإمداد والتموين (1975) .

بعد المواجهات الدامية التي شهدها الجنوب 1986م وراح ضحيتها الآلاف ، كان ناصر يقف الى جانب إبن عمه الرئيس علي ناصر محمد الحسني ، ليفرا بعد ذلك للجزء الشمالي بعد سيطرة الطغمة بقيادة علي البيض على مقاليد السلطة في الجنوب .

في حالة موت سريري ، عاش ضباط الزمرة في الشمال ، من بينهم الرئيس هادي وناصر ، طلب البيض إقصاء الضباط وترحيل الرئيس علي ناصر ، نفذ شريكه في اتفاقية الوحدة 1990م الرئيس صالح ما يريده نائب الرئيس حينها .

لم تدم علاقة صالح بنائبه طويلاُ، سرعان ما اندلعت شرارة الحرب بين الرجلين ، بدأ البحث عن ناصر وهادي ورفاقهما من قبل الرئيس السابق  ، أوكلت لناصر مهمة "نائب مدير دائرة الإمداد والتموين" 1994 م ، وبعدها بعامين تم ترقيته إلى مدير للدائرة ذاتها .

الظل المُخلص لصالح

     

 

بسرعة فائقة ، تم نقله في العام 2006م من مدير دائرة الى وزير لأكبر الوزارات وأهمها في البلاد ، ليبدأ مسيرة مغمورة في قيادة الجيش ، يقول مراقبون انه ظل واجهة لقرارات الرئيس صالح وأقاربه المسيطرين على أعمدة الجيش .

خاض الرجل برفقة الرئيس علي صالح بعد تعيينه وزير للدفاع عدة حروب محلية ، أبرزها الحرب الخامسة والسادسة ضد الحوثيين في صعدة، يقول مراقبون أنه كان يقودها كقائد رمزي لا ُيلقي الأوامر .

تمسك به الرئيس عبدالله صالح كوزير في الظل ، طوال حكومتي عبدالقادر باجمال (2006م) ، وحكومة علي محمد مجور (2007-2011م)، ليدفع به الى الواجهة أثناء اندلاع انتفاضة الشباب في العاصمة صنعاء ، عقب أحداث جمعة الكرامة التي قتل فيها ما يزيد عن 50 من الشباب المعتصمين ، وأحدثت شرخاً راسيا في النظام عقب انضمام قادة من الجيش وعدة وزراء الى المعتصمين (مارس2011)

حينها ظهر ناصر ، وهو يرتدي بزته العسكرية ، يقرأ بصوت مرتعش رسالة شديدة اللهجة في مضمونها ، قال"القوات المسلحة ستظل وفية للرئيس صالح، وأنها لن تسمح تحت أي ظرف بأي محاولة للانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية، أو انتهاك أمن الوطن والمواطنين".

 يبدو ان الرئيس صالح ، حاول أن يثبت عكس سيناريو مصر ، الذي سلمت السلطة حينها لوزير الدفاع الجنرال طنطاوي ، ولهذا أراد أن يقول لمناوئيه وللرأي العام ، أن وزير الدفاع بجانبي وليس في أي مكان آخر .

تتحدث معلومات لـ"مندب برس" ان الوزير كان يتواصل حينها مع قادة ميدانيين للإحتجاجات ، يحاول تبرير ما يقوم به من وقوفه في مواجهة الإعصار المندفع في عشرين محافظة يمنية ،قال انه ليس سوى واجهة لقوة ضاربة بيد قائد الحرس الجمهوري العميد الشاب احمد علي صالح .

من الظل الى الواجهة

أثناء الإنتقال السلمي في السلطة ، في بداية 2012م   ،ترأس الرجل الستيني ،اللجنة العسكرية ،صاحبة القرار الأول في البلاد ، كانت الفرصة التي دفعته للواجهة ، فيما كان الرئيس هادي الذي سينتخب في فبراير من العام ذاته رئيسا للبلاد ، يعتمد بشكل قوي على رفيقه وابن بلدته ، في تثبيت حكمه .

في ابريل من العام ذاته، تعهد ناصر بشجاعة أمام البرلمان ، سترون صنعاء خالية من المظاهر المسلحة ، واذا لم نستطيع سنقول لكم "باي باي" .

 ظهر الرجل وهو يرفع المتاريس والحواجز الترابية من شوارع العاصمة المُقسمة ، عقب المواجهات التي اندلعت بين قوات الرئيس صالح التي كان يقودها وبين قوات موالية للجنرال علي محسن قائد الفرقة العسكرية الأولى  الذي انظم لإنتفاضة الشباب .

كانت كل الأحزاب تتقرب إليه ، وتخشى التعرض له بوسائل إعلامها ، على اعتبار أنه الرجل الأقوى في البلاد ، والمسيطر على مقاليد الجيش ، فيما قام هو بإستغلال هذا الجو والقيام بتعيينات عسكرية على أساسات جهوية ، كما يقول مراقبون .

مطلوب للقاعدة

  

 

وصل الرئيس هادي للسلطة ، لكن أجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية كانت في قبضة أنصار الشريعة ، بدأ الرجل في قيادة الحرب على التنظيم الذي كان قد أعلن إمارته الإسلامية على مساحة واسعة من محافظتي ابين وشبوة ، الأمر الذي  جعله في فوهة السيارات المفخخة .

تعرض ناصر ، لمحاولتي اغتيال خلال شهر ، حيث تعرض لمحاولتي اغتيال ، أُثناء ضراوة حربه مع تنظيم القاعدة ، في المحافظات الجنوبية ، حيث نجا في الـ30 من أغسطس من محاولة اغتيال حين انفجرت عبوة ناسفة في موكبه بأبين ، وقتل ثلاثة من مرافقيه ، وفي اواخر سبتمبر تعرض الوزير في عدن لمحاولة اغتيال .

في مايو من العام 2012م ، واثناء التحضيرات للعيد الوطني للوحدة بصنعاء، فجر انتحاري نفسه وقتل أكثر من مئة من الجنود المشاركين ، وفي الحادي عشر من سبتمبر ، نجا الوزير بأعجوبة من تفجير سيارة مفخخة استهدفت موكبه أثناء  خروجه من مبنى الحكومة مما أدى إلى تدمير عدد من السيارات ومقتل 11 جنديا من مرافقيه.

جنرال الثورة

 

، في العام ذاته كان الوزير الأكثر تقلبا، قد انتقل من ناحية صالح الى صف هادي حيث اتهم في التخطيط لإزاحة قادة عسكريين كبار من أقارب صالح من الجيش ، ورفض الإنسحاب من الحكومة مع وزراء رئيس حزب المؤتمر، على أعتبار انه محسوب على نصف الحكومة المؤتمرية .

هاجم ناطق المؤتمر ناصر في مؤتمر صحفي ، فيما وصمته صحف الحزب بـ"الخائن" وشنت عليه هجمة اعلامية شرسة ، تحرك للطرف الآخر ، شباب الإنتفاضة الشعبية ، حيث وصمته توكل كرمان القيادية في الثورة الشبابية والحائزة على جائزة نوبل  بوزير دفاع "ثورة الشعب " ، فيما سلمه رئيس المنسقية العليا ياسر الرعيني درع أبرز تكتل شبابي .

حظي قائد الجيش الموال للرئيس السابق بتكريم الثورة ، كمال لم يحظ به وزير دفاع مصر ، حسين طنطاوي الذي وقف الى جانب شباب التحرير، رغم قياداته للقوات العسكرية المواليى لصالح التي هاجمتهم وراح ضحيتها ما يقارب 2000 قتيل ، كما أكدت منظمات حقوقية ، ووزارة حقوق الإنسان اليمنية .

تحدثت مصادر اقتصادية عن تورط وزير الدفاع السابق ، بقضايا فساد في المؤسسة الإقتصادية الوطنية ، بالإضافة الى مليارات تم سحبها من خزينة الدولة دون أن يقوم بإخلائها .

وتقول مصادر مطلعة ان اللواء ناصر صرف مبلغ 11 مليار ريال من الخزينة العامة دون أن يقدم إخلاء عهدة حتى اليوم، كما يتهم بسحب الوفورات المالية من حساب وزارة الدفاع.

عدو الحوثيين وصديقهم أيضاً

بدا الجنرال ناصر جديا أثناء توعده بمحاربة المليشيا المسلحة، في 9 مايو 2012 بعدن، وجه تهمة العمالة صراحة لأطراف "تسعى إلى إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في محافظة عدن وتتلقى الدعم بشكل مباشر من إيران.."، في إشارة واضحة لما يوصف بـ"الحراك المسلح"، وجماعة الحوثي المسلحة.

في مطلع العام 2014 كان الزحف الحوثي نحو العاصمة قد أطلقت شراراته ، قاموا بمحاصرة معقل السلفيين في دماج بصعدة ، ومن ثم قاموا بإجتياح حاشد معقل  الشيخ عبدالله الأحمر ، قبل أن يتجهوا نحو عمران لمحاصرة اللواء 310 مدرع وقتل قائده اللواء حميد القشيبي.

في هذه الأثناء كان وزير الدفاع قد بدأ يفقد قاعدة عريضة من شركائه الجدد ، اتهموه بتحريف مهمة الجيش في الحفاظ على استقرار وحماية البلاد ، من خلال ارساله للجان وساطة في وسط وشمال البلاد ، قبل أن تقترب المعارك من على تخوم العاصمة صنعاء .

 

خلع البزة العسكرية

تطورت الإتهامات الموجهة للوزير الجنرال ، الى حد وصفه بالخيانة ، كانت أول يافطة ترفع ضده وتطالب بمحاكمته،  في اغسطس الماضي ،حيث رفع الآف المشيعون في ميدان السبعين أثناء تشييع العميد حميد القشيبي ، الذي قتل اثناء اجتياح مسلحو الجماعة لعمران وعدم تعزيز اللواء المحاصر من قبل سلطة الدفاع المركزية.

لجأ وزير الدفاع بين الحينة والأخرى لإصدار تصريحات قوية،لتخفيف الإنتقادات الموجهة ضده ، كان يتعهد فيها بوقوف الجيش الى جانب الوحدة والنظام الجمهوري ، ويتوعد بردع ما يسميها "جماعات العنف والإرهاب" ، غير أنها سرعان ما تتلاشى، دفع صحيفة الناس المحلية لوصفه بـ"الوزير العنترة".

في الـ21 من سبتمبر في العام 2014 ، تعرضت العاصمة صنعاء ، لإجتياح أكثر من 20 ألف مسلح من الحوثيين وأنصار الرئيس السابق ، كما يشير رئيس جهاز الأمن القومي علي الأحمدي ، في مقابلة مع صحيفة السياسة الكويتية .

كان وزير الدفاع قد وجه قيادة الوحدات العسكرية بعدم المواجهة ، الأمر الذي ادى لسيطرة الحوثيين على مقر الحكومة والقيادة العليا للجيش في اقل من 24 ساعة ، تتحدث مصادر عن عمليات نهب واسعة لأسلحة الدولة الثقيلة والمتوسطة .

شهادة صديق

           

 

بعد أيام من توليه حقيبة وزارة الدفاع ، كان الصبيحي يتحدث عن إساءات تاريخية للشرف العسكري ، حدثت في عهد سلفه ناصر ، قال انه يتألم وهو يرى مليشيا مسلحة تفتش عربة تابعة للجيش ، في وسط صنعاء .

أكد الصبيحي وهو من ضباط الجيش ، الذين يحظون بإحترام في الشارع اليمني ، على الأقل حتى كتابة هذا التقرير ، أكد أن صنعاء تعرضت لهزة قوية بعد دخول الحوثيين إلها في سبتمبر الماضي، وأضاف" تعرضت لهزة أمنية ونوع من الإساءة لأول مرة تحدث في تاريخها وذلك بسبب عدم الدفاع عن الشرف العسكري".

كان الصبيحي يتحدث لوحدات عسكرية في شبوة وسط اليمن ، بلغة قوية وصارمة ، عن الجيش وهيبته وعن واقع سلفه الذي لخصه بقوله "للأسف وجدنا بعض المعسكرات عليها حراسات من مليشيات الحوثيين وجدنا الكثير من الوزارات لا يستطيع أحد أن يديرها بسبب وجود مليشيات الحوثيين".

 وأردف: " يحز في النفس أن أرى طقمًا عسكريًا تفتشه لجان شعبية وهذا لم يحصل في كل جيوش العالم".

استراحة الجدل المفتوح

  

في مطلع شهر فبراير من العام 2014م، أراح هادي  الأكثر اثارة للجدل في تاريخ اليمن ، والذي كان الورقة التي يحركها صالح بين أصبعيه ، ثم ما لبث ان انقلب عليه ، ثم تصالح مع انتفاضة الشباب رغم الدم المسكوب ، ثم هاجم الحوثيين وسلم لهم البلاد ، ثم ترك اعدائه الكثر وفر هاربا للإستراحة في إمارة خليجية .

اكتفى هادي بإستدعاء اللواء محمود الصبيحي ، احد رجاله الأقوياء ، بدلا عن الإخطبوط القوي ايضا الذي ، ترك مساحة واسعة من الأسئلة ، تبحث عن جواب ، فيما اكتفى هو بعبارته الأخيرة التي ألقاها يوم تسليم حقيبة الوزارية " أِشكر لجان الحوثي الشعبية على حفظها للأمن والإستقرار.."

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandab-press.net - رابط الخبر: https://mandab-press.net/news999.html