الرئيسية > تحقيقات وحوارات > فساد غير مسبوق في المحافظات اليمنية الخاضعة للمليشيا

فساد غير مسبوق في المحافظات اليمنية الخاضعة للمليشيا

فساد غير مسبوق في المحافظات اليمنية الخاضعة للمليشيا

تشهد المدن اليمنية الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، والمحصورة في «إب وذمار وعمران والعاصمة صنعاء» حالة غير مسبوقة من الفوضى والانفلات التي عززها انتشار مظاهر الفساد الصارخ، بالتزامن مع تصاعد مخاوف المتمردين من انكساراتهم المتتالية في جبهات القتال.
وتحولت الشوارع العامة في المحافظات التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين إلى خليط صاخب من اللافتات والصور والشعارات المعبرة عن توجهات جماعة الحوثي الأيدلوجية بالتوازي مع انتشار واسع النطاق لمشاهد الاحتكار وبيع السلع الاستهلاكية، ومن أهمها المشتقات النفطية التي توقفت معظم محطات الوقود سواء التابعة لوزارة النفط الرسمية أو الخاصة عن تقديمها كخدمات تقليدية للمواطنين لتظهر ذات السلعة في هيئة عبوات متفاوتة الأحجام تكتظ بها وبكثافة أرصفة الشوارع والأسواق المركزية في المحافظات كافة التي ترزح تحت وطأة سيطرة المتمردين.


واعتبر الأكاديمي اليمني المتخصص في الشؤون الاقتصادية عبد الحكيم غالب الفقية في تصريح ل«الخليج»، أن التصاعد المروع لمظاهر الانفلات المجتمعي في المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون يمثل جزءاً من تداعيات غياب الدولة جرّاء الانقلاب المسلح، ونوه إلى أن الحوثيين تحولوا إلى «ظاهرة فساد طارئة» نتيجة ممارسات مراكز القوى المتنفذة في الجماعة التي تسعى إلى استغلال مظاهر الانفلات الأمني وأجواء الحرب لتحقيق مكاسب مالية قياسية من خلال الإسهام الفاعل في تشجيع إنشاء الأسواق السوداء لبيع السلع التي تحظى أصلاً بدعم حكومي كالوقود والمشتقات النفطية بزيادات سعرية مضاعفة وتقاسم عائداتها المالية مع التجار الموالين لهم الذين يتكفلون بعملية توزيع هذه السلع وبيعها خارج إطار القانون.
ويعد التصاعد غير المسبوق لمظاهر الفساد والاحتكار للسلع الأساسية مشاهد غير معهودة على الشارع العام في المدن التي تخضع لسيطرة الانقلابيين من قبيل سماح الحوثيين لعدد من محطات بيع الوقود الخاصة ببيع المشتقات النفطية بأسعار تصل إلى خمسة آلاف ريال، وهو ذات سقف السعر المتداول في الأسواق السوداء لبيع ذات السلعة.

وأشار الأكاديمي اليمني المتخصص في علم الاجتماع عبد الرحمن علي المقرمي في تصريح ل«الخليج»، إلى أن الحوثيين فشلوا في إدارة المحافظات التي لا تزال تحت سيطرتهم، واتجهوا منذ وقت مبكر من انقلابهم على الشرعية الدستورية إلى استغلال حالة الفوضى والانفلات الطارئة في البلاد في محاولة لتحقيق مكاسب مالية وموارد إضافية تسهم في سد الفجوة التمويلية المتزايدة التي يواجهونها نتيجة الاستحقاقات المالية اليومية اللازمة لتوفير احتياجات المنخرطين ضمن ميليشيا الجماعة والكثير من هؤلاء من العاطلين عن العمل والمعدمين الذين استغل الحوثيون ظروفهم المعيشية الصعبة وقاموا بتجنيدهم ضمن ما تُسمى ب «اللجان الشعبية» مقابل الحصول على مبالغ يومية ضئيلة ووجبات غذائية مجانية.
وفي الأثناء، كشفت مصادر مقربة من جماعة الحوثي عن رفض زعيم الحوثيين طلبات لعدد من قيادات الجماعة بالسماح لها بمغادرة البلاد لتأمين وترتيب الأوضاع المعيشية لعائلاتها في كل من بيروت وطهران والعودة لاحقاً إلى البلاد.


وبشأن العثور على جثتي المشرف الميداني للحوثيين وزوجته بعد مقتلهما مسمومين في مديرية معين جنوبي صنعاء، اعتبرت المصادر الواقعة بمثابة سابقة تصفية جسدية هي الأولى من نوعها تشهدها اليمن أثارت توجسات واسعة بين أوساط القادة الحوثيين من تعرضهم لعمليات تصفية مماثلة جرّاء تصاعد الخلافات بين الأجنحة المؤثرة في الجماعة والمقربة من زعيمها عبد الملك الحوثي، الذي لم يكترث بمقتل القيادي الحوثي «الشامي» الذي يوصف بأنه المدبر لجرائم الاختطاف القسري للعديد من الناشطين السياسيين والصحفيين المناهضين للانقلاب وتعطيل الحياة السياسية.


وذكرت المصادر أن تصفية القيادي «الشامي» تم بطريقة غلب عليها الطابع الاستخباراتي، وهو ما عزز الاعتقاد بضلوع إيران في تدبير تصفية «الشامي» لاعتبارات تتعلق بسرية المهام التي كُلف بتنفيذها والخشية من استغلالها من قِبله لتحقيق مكاسب ذاتية. وبادرت العديد من القيادات الحوثية إلى مغادرة صنعاء لكل من بيروت وطهران بعد اقتراب قوات الجيش الوطني من الحدود البرية الشرقية للعاصمة صنعاء.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)