الرئيسية > اخبار وتقارير > التسوية السياسية قد تفتح باب العنف مجدداً في اليمن

التسوية السياسية قد تفتح باب العنف مجدداً في اليمن

 التسوية السياسية قد تفتح باب العنف مجدداً في اليمن

فشلت المفاوضات بين الحكومة الشرعية اليمنية المتمثلة في الرئيس هادي وبين الحوثيين وعلي عبدالله صالح والتي عقدت برعاية أممية في سويسرا منتصف الشهر الماضي دون التوصل لتسوية سياسية بشأن إنهاء الاقتتال الدائر في البلاد وتطبيق القرار الأممي 2216.

وحققت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الموالية للرئيس هادي والمدعومة بقوات التحالف تقدماً نوعياً في محافظتي الجوف ومأرب فيما تقدمت نحو صنعاء من الجهة الشرقية، ويرى مراقبون أن هذه الإنتصارات ورقة ضغط على الانقلابين في طاولة المفاوضات للوصول إلى تسوية سياسية فشلت في الجولات الماضية.

ويرى محللون لـ «القدس العربي» أن تعنت تحالف الحوثي وصالح وإخراجهم لأوراق وبنود جديدة غير تلك المتفق عليها مسبقاً في المفاوضات عقّد من الوصول إلى تسوية سياسية وأزعج منه طرف الشرعية المتمثل في الرئيس هادي بكونها ليست تلك البنود الأساسية ذات الأولوية.

وفشلت الأمم المتحدة في جلب الثقة وتقريبها بين الاطراف مكتفية بإنشاء لجنة خاصة للنظر بشأن وقف إطلاق النار، لكن رياحها لم تلامس اروقة الوضع القائم في البلاد، مما دفع الأمم المتحدة للإعلان بإستئناف المفاوضات بداية الشهر المقبل بعد أنباء عن تأجيلها واختيار سويسرا كمكان ملائم حسبما أكدته مصادر حكومية لـ «القدس العربي».

وتشهد البلاد مسارات عسكرية موازية للمسار السياسي، تتقدم فيها القوة العسكرية للجيش المؤيد للحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي مع اقتراب مدرعاتها من صنعاء والتقدم الحاصل في محافظة حجة وتكليف الجنرال والمستشار العسكري للرئيس هادي علي محسن الأحمر لقيادة المعركة تلاها ظهوره المفاجئ في معسكر تدريبي على الحدود اليمنية، بالتزامن مع الإستعداد لتحرير تعز حيث تجري قيادة الجيش والمقاومة في عدن اجتماعات مكثفة مع التحالف بخصوص ذلك وتم وضع خطة جديدة وآليات لسير المعركة.

الحل السياسي ضئيل لمدى غير محدود، والذي من المرجح ان التوصل لتسوية سياسية سيعاود الكرة مرة اخرى لفتح باب العنف بين الاطراف كما يقول مراقبون، وذلك بكونه لا يوجد اي تفاهمات او تقريب بوادر الثقة بين الاطراف على طاولة التفاوض، وعدم ملامسة الواقع اليمني وتطبيق القرار الاممي 2016 لو جزئياً لاظهار حسن النوايا لدى الحوثيين وقوات المخلوع صالح.

مراقبون ومحللون يرون أن الحسم العسكري هو الأجدى كخيار نهائي وحتمي لانهاء الوضع وان كانت هناك مخاطر واشكاليات واضرار جسمية علاوة عن الاضرار التي خلفها الاقتتال.. في ظل عدم وجود أي مؤشرات تقيس تقبل الاطراف بالحل السياسي.. وان تواجدت اجواء ملائمة لتسوية سياسية فإنه لا يستبعد معاودة ثغرات الصراع والعنف مرة أخرى بطريقة عكسية مع قادم الاعوام. ولن تخرج البلاد من مرحلة الاقتتال والصراع لعقود قادمة والذي يدفع ثمنه اليمنيون.

فالحسم العسكري والتحرك على الارض وان كان بنسبة ضئيلة سيساهم من احداث ضجيج في صفوف الحوثي وصالح.. وسيدفع بالضغط على الحوثيين وصالح بالجلوس على طاولة التفاوض والقبول بتنفيذ القرار الاممي 2216 دون أي إلتفاف او مراوغات.. بناء على قلب التوازنات وتغيير مسار المعركة على الأرض كورقة رابحة يمكن اللعب بها في الزمان والمكان المناسبين.

لا جدوى من الحلول السياسية

يتحدث الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي بأنه ليس هناك أفق للحل السياسي بكون جولة المشاورات الأخيرة والتي كانت قبل ايام جرت على وقع أعنف المواجهات.. على الرغم من ان هدنة أعلنت من أجل تهيئة مناخ ملائم لهذه المشاورات.

ويستدرج قائلاً ان المتمردون الحوثيون لا يرون في الحل السياسي سوى بقاءهم في سلطة أمر واقع صنعاء فقط وهو أمر يتنافى مع القرارات الدولية ويتعارض مع بنود وآليات المشاورات.

ويوضح أن الحل السياسي هو خيار جاد بما في ذلك لدى الاطراف الدولية التي تضغط على الحكومة الشرعية بالذهاب إلى مشاورات مع متمردين رفضوا حتى الان الاذعان لقرارات الشرعية الدولية. ويشير التميمي إلى ان الحل السياسي لن يضع حلا مثالياً لازمة اليمن لانه سيبقى الطرف الذي اشعل الحرب الاهلية في واجهة المشهد السياسي ليتحين فرصة اخرى للعنف.

ويرى ان الحل هو إنهاء نفوذ المليشيا المسلحة بواسطة القوة العسكرية التي تعيد الدولة والاستقرار إلى البلد وتنهي كافة التهديدات المحتملة وتوفر فرصة ملائمة لاستئناف العملية السياسية بما يضمن شراكة واسعة لكافة مكونات المجتمع في بناء الدولة الجديدة.

نجاح ضئيل

المحلل السياسي واستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء الدكتور عبدالباقي شمسان يتحدث عن ان المسار السياسي والتفاوضي فرض بفعل ضغط خارجي في توقيت ملائم لإعادة صياغة العلاقات بين السلطة والمكونات المجتمعية والمذهبية، والأخطر ان السلطة رغم عودتها من الرياض واستعادتها لجزء كبير من الجغرافية والمؤسسات الوطنية إلا انها ما زلت طرفا في موازين القوى على الأرض حيث من المفترض ان تكون الطرف الرئيس والشرعي مقابل جماعة إنقلابية وفقا للمواثيق الدولية الصادرة عن المجتمع الدولي ويقول ان الدول الكبرى تغض الطرف عن تلك المواثيق إلى حد يفقدها ذلك التمايز الفارق، حيث المخطط ان يتم استيعاب الحوثيين كطرف من الحل واستمرار حزب المؤتمر دون المخلوع صالح، وهذا يعني ان اليمن لن تشهد استقرار ولن تتمكن من الاندماج وفقا لاكتمال الهوية الوطنية بل سوف يتم اعادة انتاج كل القوي السياسية المذهبية وفقا للتقاسم الذي سيتم الموافقة عليه في التسوية. وبمعنى أوضح يقول الدكتور عبدالباقي: انه سوف يصبح القرار الداخلي والاستقرار رهين الرعاية الخارجية بحيث تصبح مطلب جمعي خوفا من الانزلاق في حرب أخرى، واعتقد أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار واستعادة الدولة إلا من خلال فرض سيادتها بالقوة على الانقلابين وذلك بتقويض فائض القوة قد تقلص حد الاختفاء بحيث يصبح التسوية تتمثل بالخضوع لسيادة الدولة.

ويرجح شمسان بأن الأيام المقبلة سوف تشهد عمليات كثيفة ونوعية.. بهدف المحافظة او التوسع في الجغرافية بما يحسن الموقف التفاوضي وذلك قبل الذهاب إلى المفاوضات إذا تمت في موعدها.

ويختتم برسالته إلى السلطة الشرعية ان كانت تريد استعادة الدولة يتوجب عليها احداث تغييرات ميدانية ومؤسسية سريعة بما يحقق لها الوجود كطرف شرعي ورئيس لا يتحقق ذلك إلا من خلال استباق المسار العسكري التفاوضي بعدد من الخطوات الفارقة.. ولا بد من الإشارة إلى ان المعركة حماسية التدخل عسكرية وسياسية وإعلامية وانسانية وايضا دبلوماسية.

الحل العسكري كخيار رئيسِي يرافقه حل سياسي

بدوره يقول الباحث والمحلل العسكري علي الذهب ان ابرز اللاعبين في التحالف العربي هي السعودية والإمارات.. ويقف خلف كل منهما دول لها موقف من القوى التي أثارت موجة الربيع العربي.. هذه القوى هي حزب التجمع اليمني للاصلاح بوصفه امتداداً لجماعة الاخوان المسلمين.. وكذا التيارات السلفية التي انخرطت في العملية السياسية.. تلك المواقف تراوح بين السلب والايجاب.. والشدة واللين.

مع هذا يبدو ان هنالك انسجام حذر.. وهنا فإن صف التحالف ما يزال قوياً متماسكاً حتى اللحظة.. وقد لوحظ وجود تحركات وترتيبات من شأنها تبديد تلك المخاوف. والمضي قدماً على طريق الحل العسكري كخيار رئيسيِ.. يرافقه الخيار السياسي كأداة مساعدة لا بديلة

واستدرك الباحث علي الذهب ان الحسم العسكري هو الخيار الأول للتحالف. وما الحديث عن الحل السلمي إلا إغراء خادع عززه مراوغة وغموض موقف الحوثيين وصالح.. وهي ذات السياسة التي اتبعها الحوثيون قبيل واثناء الاستيلاء على العاصمة صنعاء والمدن الأخرى والتي كانت على طريق ذلك في 2014. إلا ان موقفهم اليوم لا يماثل موقف سلطة الرئيس هادي حينذاك. حيث رضخ للكثير من الضغوط التي باركها المبعوث الاممي لليمن في وقتها.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)