طرحت عملية استهداف حقل غاز "كورمور" في إقليم كردستان والذي يعد الأكبر في العراق الكثير من التساؤلات حول الهدف من تلك العملية التي طالت الحقل وعطلت إنتاجه وأودت بحياة أربعة يمنيين دون أن تعلن أي جهه مسؤوليتها حتى الآن.
لماذا تكررت عمليات استهداف حقل كورمور وما الرسائل التي تريد إرسالها الجهة التي قامت بالعملية في الوقت الذي يحاول العراق تحقيق أكبر نسبة من الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية والغاز بدلا من استيرادها من الخارج؟
بداية، يقول غازي السكوتي، مدير "المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية" إن "استهداف حقل غاز السليمانية في إقليم كردستان كورمور وغيره من المنشآت الاستراتيجية كمصافي النفط والمطار، جميع تلك العمليات تتم تحت ذرائع غير واقعية ولا توجد أدله حقيقية عليها كما حدث منذ أشهر عندما تم استهداف السليمانية بحجة تواجد عناصر من الموساد الإسرائيلي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "إقليم كردستان في وقت سابق قام بتجريد عدد كبير من الفصائل من أسلحتها وإبعادهم عن بعض المناطق وفقا للاتفاق الأمني الذي تم بين بغداد وطهران في ذلك الوقت".
وتابع السكوتي: "لكن وبكل أسف ورغم ما تم تحقيقه على الأرض من جانب الإقليم لا تزال المواجهات مستمرة وتدمر البنية التحتية والمقومات الصناعية والاقتصادية للإقليم، وتعد تلك العمليات استهداف للنموذج الفيدرالي الذي حقق نجاحات مهمة في إقليم كردستان وفقا لما جاء في دستور العام 2005، ومنذ ما يقارب العقدين حقق الإقليم تطور وتقدم في البنية التحتية والمجال السياحي وكافة أوجه الخدمات، حيث أثرت تلك التطورات على الحياة المدنية والمعيشية بشكل عام".
وأشار مدير "المركز العراقي" إلى أن "استمرار عمليات القصف والاستهداف يؤكد طبيعة سياسة طهران المناهضة لنموذج الحكم الذاتي في كردستان حتى لا يتكرر النموذج على الأراضي الإيرانية التي توجد بها مشاكل كبرى تتعلق بالقومية العربية وعربستان والأكراد الموجودين في شمال غرب إيران".
وأكد السكوتي أن "حقل غاز كورمور مهم جدا للاقتصاد وتوفير الطاقة في الإقليم، حيث ينتج يوميا 75 مليون قدم مكعب من الغاز، في الوقت الذي يستورد فيه العراق يوميا من إيران 50 مليون قدم مكعب، فإذا ما تم تطوير حقل كورمور في السليمانية فقد يستطيع العراق شراء الغاز من الإقليم بدلا من الشراء من إيران والذي يكلف العراق 5 مليار دولار سنويا". ولفت مدير "المركز العراقي" إلى أن " ما يتم من استهدافات للمنشآت في الإقليم يعد شكل من أشكال حروب الغاز والطاقة، والرفض المستمر من طهران على امتلاك بغداد القدرة على إنتاج الغاز أو تطوير المشتقات النفطية والقدرات الصناعية والزراعية وغيرها، كي يظل سوقا للمنتجات والسلع الإيرانية لمواجهة العقوبات الأمريكية والمشكلات التي تعاني منها".
من جانبه، يقول الخبير في الشؤون العراقية والكردية، كفاح محمود: "منذ أن أعلن رئيس وزراء كردستان في مؤتمر قمة الطاقة الذي عقد في دبي، بأن الإقليم بالتعاون مع بغداد يستطيع تغذية أوروبا بالغاز بعد الاكتفاء الذاتي، نظرا للاحتياطي الهائل الذي اكتشف في كردستان، ومن حينها باشرت الميليشيات الولائية المدعومة إيرانيا بالتعرض لحقول الغاز في كورمور التي تنتج ما يقارب نصف مليار قدم مكعب وتغطي حاجة الإقليم وتزيد".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أعلنت وزارة الكهرباء العراقية نيتها في شراء كميات كبيرة من غاز هذه الحقول قبل عملية قصفها الأخيرة، وهذا يدلل على هوية من قام بالعملية ومن يدعمها ومن يستفيد من نتائجها".
وأشار الخبير إلى أن "ربط هذه الأحداث يعطينا مؤشرا واضحا لكيفية حماية إيران لتصديرها الغاز إلى العراق في اتفاقية تتقاضى فيها إيران خمسة عشر مليار دولار للسنوات الخمس القادمة".
وتعرض حقل غاز كورمور، يوم الجمعة الماضي، لهجوم إرهابي أسفر عن وفاة أربعة عمال يمنيين وإصابة اثنين آخرين، إضافةً لإلحاق أضرارٍ بالغة بالحقل.
وكان قائم مقام "جمجمال"، رامك رمضان، قد قال إن طائرةً مسيّرة قصفت حقل غاز كورمور بحدود الساعة 6:45 من مساء الجمعة "بحسب موقع كردستان 24".
وأصدرت حكومة إقليم كردستان بيانا بشأن قصف حقل كورمور للغاز، دعت من خلاله الحكومة العراقية إلى القبض على مرتكبي الهجوم وتقديمهم للعدالة.
وأكد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، أن الهجوم الإرهابي على حقل كورمور تسبب بانخفاض إنتاج الكهرباء بمقدار 2500 ميغاواط. رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني - سبوتنيك عربي, 1920, 18.04.2024 هل تلعب أمريكا دورا في حل الخلافات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد؟ 18 أبريل, 18:19 GMT وقال هوراماني في تصريحٍ لـ "كردستان 24"، إن الكمية المتوفرة حالياً لدى الشبكة الوطنية للكهرباء هي 1.260 ميغاواط فقط، ستوزّع على أقسام شركات الكهرباء. وأضاف: "تحاول الفرق المتخصصة في وزارتي الكهرباء والثروات الطبيعية زيادة إنتاج الغاز في أسرع وقتٍ ممكن، لإعادة التيار الكهربائي اللازم للشبكة الوطنية وعدم استمرار النقص في كمية الكهرباء". ويُعد حقل كورمور للغاز أكبر حقلٍ للغاز الطبيعي في العراق، تُقدّر احتياطاته بـ 8 تريليون و200 مليار قدم مكعب. يقع الحقل الذي تبلغ مساحته 135 كيلو متر مربع، في قضاء قادر كرم بمحافظة السليمانية، وتديره حكومة إقليم كوردستان منذ عام 2003. تشرف على الحقل شركتي "دانة غاز" و"الهلال" الإماراتيتين، وينتج أكثر من 450 مليون قدم مكعب من الغاز و22 ألف برميل من النفط يوميا. ينتج الحقل 4200 ميغاواط من الكهرباء يوميا، منها 2800 ميغاواط ترسل إلى إقليم كوردستان والباقي إلى محافظتي كركوك والموصل. ينقل حقل كورمور الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى محطتي توليد كهرباء جمجمال وأربيل، ويوفر 67 في المئة من كهرباء إقليم كردستان.