اتهمت طهران التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، يوم 7 يناير، بتعمُّد شن غارة جوية ضد السفارة الإيرانية في صنعاء قبلها بيوم، وبينما لا تزال تفاصيل الحادث غير واضحة، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، حسين جابر أنصاري، الغارة بأنها "انتهاك لكافة الاتفاقيات الدولية التي تحمي البعثات الدبلوماسية". مشيرًا إلى أن بلاده تحمل السعودية مسؤولية الأضرار التي لحقت بالمبنى والإصابات التي وقعت بين موظفي السفارة.
هجمة مرتدة
ردًا على ذلك، قال المتحدث باسم التحالف، العميد أحمد العسيري، إن مسؤولين سيجرون تحقيقًا بشأن الادعاءات الإيرانية، وأكد شن غارات جوية متعددة في أنحاء صنعاء مساء يوم 6 يناير، ذكر أنها استهدفت منصات صواريخ يستخدمها المتمردون الحوثيون.
وأضاف العسيري أن المتمردين الحوثيين كانوا يستخدمون السفارات المهجورة في شن هجمات صاروخية، محملًا إيران مسؤولية عدم إمداد الائتلاف بإحداثيات سفارتها، رغم طلبها في وقت سابق. كما نفى اتهامات طهران، نازعًا عنها المصداقية؛ لاستنادها إلى معلومات مصدرها الحوثيون.
توقيت الاتهام
وكان ستراتفور قد أفاد، نقلًا عن معلومات منشورة على وسائل الإعلام الاجتماعي مساء 6 يناير، بأن غارة جوية شنها التحالف الذي تقوده السعودية ضربت منطقة قريبة من السفارة الإيرانية في صنعاء. لكن شهود عيان أفادوا بأن مبنى السفارة لم يتضرر بشكل واضح.
وفي حين لم يتضح ما إذا كانت الغارة السعودية ضربت في الواقع المقر الإيراني، لا يزال لافتًا أن طهران تتهم التحالف الذي تقوده الرياض بتعمد استهداف بعثتها الدبلوماسية، بعد أيام من اقتحام متظاهرين إيرانيين السفارة السعودية في طهران، ردًا على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي نمر النمر.
غرفة عمليات للحوثيين
أما مزاعم الائتلاف بأن المتمردين الحوثيين يستخدمون السفارات لشن هجمات صاروخية، فتشير إلى أن السفارة الإيرانية قد لا تزال هدفًا لقوات التحالف. وبينما أخلت معظم السفارات الأجنبية في صنعاء مقراتها في فبراير 2015، عقب استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية، لا يوجد دليل حتى الآن على أن إيران أخلت سفارتها تمامًا.
بل في الواقع، زعم وزير الخارجية اليمني رياض ياسين، أن السفارة الإيرانية في صنعاء أصبحت قبل أربعة أشهر "غرفة عمليات للحوثيين"، متهمًا المخابرات الإيرانية والعسكريين التابعين للسفارة بتقديم يد العون للهجمات الحوثية المنظمة.
ساحات معارك بالوكالة
هذه الهجمات الانتقامية ضد البعثات الدبلوماسية هي عنصر خطير وشديد الوضوح، ضمن المواجهة الأوسع بين إيران والقوى السنية بقيادة السعودية في المنطقة. بيد أن الاتهامات لا تشير بالضرورة إلى أن الصراع بين السعودية وإيران سوف يتصاعد.
بل سيستخدم الطرفان ساحات المعارك بالوكالة لشن هجمات رمزية، بموازاة تحصين حلفائهما المتشددين. علاوة على ذلك، لدى إيران تاريخ من تنفيذ هجمات سرية ضد المصالح الأجنبية في الخارج، ومن الممكن أن يستهدف وكلاء إيران المتشددين الدبلوماسيين أو الشركات السعودية. وفي كل هذه الحالات، سوف يلتزم كلا الطرفين سياسة الإنكار. فلا إيران ولا السعودية مستعدة لمواجهة عسكرية مباشرة.
حذر أمريكي وانقسام سني محتمل
من جانبها، تحرص الولايات المتحدة بشكل خاص على تجنب التورط في معركة طائفية بين الخصمين التاريخيين. ولتهدئة الوضع، ستوضح واشنطن للمملكة أن هناك حدودًا للرعاية العسكرية التي توليها للسعودية، وستحاول إعادة تركيز الاهتمام على القتال ضد تنظيم الدولة.
بدورها، أعربت القوى السنية- بما في ذلك: البحرين والكويت والإمارات وقطر- عن تضامنها مع السعودية عبر خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران أو قطعها تمامًا، في ظل الخلاف المستمر بين البلدين.
لكن هذه الدول السنية ستكون حذرة حيال تعريض نفسها لهجمات خلال أي موجة جديدة من التصعيد، ما يتيح فرصًا لانقسامات أكبر في صفوف التحالف الذي تقوده السعودية.